للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خبر "كان"إذا كان ضميراً بين الاتصال، والانفصال:

إذا كان خبر "كان"ضميراً فإنه يجوز اتصاله، وانفصاله عند عامة النحويين، ولكن اختُلف في المختار منهما، حيث اختار سيبويه الانفصال نحو: كان زيد إياك وكنتُ إياك.

قال عمر بن أبي ربيعة:

لئن كان إياهُ لقد حال بعدنا

عن العهد والإنسانُ قد يتغيَّرُ (١)

كما اختاره - أيضاً - ابنُ يعيش (٦٤٣هـ) وابن عصفور:

وإنما كان المختار الانفصال، لأنه في الأصل خبر المبتدأ، فكما أن خبر المبتدأ منفصل من المبتدأ فكذلك هو في هذا الباب.

وذهب الرماني (٣٨٤هـ) وأبو الحسين بن الطراوة (٥٢٨هـ) إلى أن الاتصال هو الأفصح والمختار. ووافقهما ابن مالك وابنه بدر الدين (٦٨٦هـ) .

قال ابن مالك:

وصِل أو افصل هاءَ سلنيهِ وما

أشبهه، في كنتُه الخلفُ انتمى

كذاك خلتنيه، واتصالا

أختارُ. غيري اختار الانفصالا (٢)

وجاء موجبُ هذا الاختيار عند ابن مالك مُوضَّحاً في شرح الكافية الشافية حيث قال في نحو: "الصديق كنته":

"حقُّ هذا أن يمتنع انفصاله لشبهه بهاء "ضربته" ولكنه نُقل فقُبل، وبقي الاتصال راجحاً لوجهين:

أحدهما: الشبه بما يجب اتصاله، وإذا لم يساوه في الوجوب فلا أقل من الترجيح.

الثاني: أن الانفصال لم يرد إلاَّ في الشعر، والاتصال وارد في أفصح النثر كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في ابن صياد: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وإلاَّ يكنه فلا خير لك في قتله" (٣) ، وكقول بعض فصحاء العرب: "عليه رجلاً ليسني".


(١) من " الطويل ".
قوله: "حالَ "أي تغيَّر وتحولت حاله عما كنا نعلمه فيه. "العهد ": المعرفة.
والبيت في: الديوان ١٢١، شرح المفصل ٣/١٠٧، أوضح المسالك ١/١٠٢، المقاصد النحوية ١/٣١٤، التصريح ١/١٠٨، شرح الأشموني ١/١١٩، الخزانة ٥/٣١٢، ٣١٣.
(٢) الألفية ص١٢.
(٣) انظر: صحيح البخاري (جنائز) ١١٠، (جهاد) ٢٥٣، صحيح مسلم (فتن) ٨٥.