للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا الشأن فيما يتعلق بألفية ابن مالك؛ إذ وقع فيها شيءٌ من ذلك حين اضطر ناظمها إلى التخفيف في بعض المواضع لتقويم الوزن، سواء كان ذلك في الأحرف الصحيحة أو المعتلة.

فمن الأول قوله في باب "إن"وأخواتها:

وأُلحقت بإنَّ لكنَّ وأنْ

من دون ليت ولعلَّ وكأنْ

فخفف النون في "أنَّ"و "كأنَّ"لضرورة الشعر التي جعلت النون ساكنة فيهما.

وقوله في باب "النسب":

والحذفُ في اليا رابعاً أحقُّ من

قلبٍ، وحتمٌ قلبُ ثالثٍ يَعِنْ

أصل النون في "يعن"مشددة؛ لأنها من عنَّ يَعنُّ بمعنى ظهر إلاَّ أن الناظم قد اضطر لتسكينها لأجل الشعر.

ونظيره قوله في باب "الإبدال":

وجمعُ ذي عين أُعِلَّ أو سَكَنْ

فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عَنْ

وقال في الباب نفسه:

واواً وهمزاً أوَّلَ الواوين رُدْ

في بدء غيرِ شبهِ وُوفِي الأشُدْ

فخفف كلاًّ من الدال في الفعل المبني للمجهول وأصله "رُدَّ"بالتضعيف، وكذلك الدال في "الأشد".

ومن الثاني - أعني ما وقع التخفيف فيه من الأحرف المعتلة - قوله في باب "الفاعل":

وقابلٌ من ظرفٍ او من مصدرِ أو حرف جرٍّ بنيابةٍ حري

الأصل فيه: "حريّ"بالتشديد بمعنى خليق، فخفف الياء للضرورة.

وقوله في باب "النسب":

وضاعف الثاني من ثنائي

ثانيه ذو لينٍ كـ "لا"ولائي

يريد: مثل "لا"وتضعيفه: لائيٌّ؛ بياء النسب المشددة، ولكنها خففت هنا لضرورة الشعر.

الخاتمة

لا يسعني بعد هذا التطواف، وفي ختام هذا البحث إلا أن أقدم خلاصة موجزة له مشتملة على أهم النتائج فأقول:

أولاً: لقد كانت النظرة في بادئ الأمر إلى الشعر، والنثر واحدةً من حيثُ الخصائصُ التعبيرية في صياغة العبارة، وبناء الألفاظ. يقوِّي ذلك اشتراك الفنَّيْن في شواهد اللغة، والنحو على الرغم من التفاوت الملحوظ في طريقة الصياغة، والإعراب.

ثم دخلت الضرورة - فيما بعدُ - في ميادين البحث اللغوي، والنقدي على نطاق واسع.