للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئا} لا يخفى ما يسبق إلى الذهن فيه من أن الضمير في قوله جاءه يدل على شيء موجود واقع عليه المجيء؛ لأن وقوع المجيء على العدم لا يعقل، ومعلوم أن الصفة الإضافية لا تتقوم إلا بين متضائفين فلا تدرك إلا بادراكهما، فلا يعقل وقوع المجيء بالفعل إلا بإدراك فاعل واقع منه المجيء ومفعول به واقع عليه المجيء وقوله تعالى {لَمْ يَجِدْهُ شَيْئا} يدل على عدم وجود شيء يقع عليه المجيء في قوله تعالى: {جَاءَهُ} والجواب عن هذا من وجهين ذكرهما ابن جرير في تفسير هذه الآية؛ قال: فإن قال قائل: وكيف قيل {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئا} فإن لم يكن السراب شيئاً فعلام دخلت الهاء في قوله {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ؟.} قيل إنه شيء يُرى من بعيد كالضباب الذي يرى كثيفاً من بعيد والهباء، فإذا قرب منه دق وصار كالهواء وقد يحتمل أن يكون معناه حتى إذا جاء موضع السراب لم يجد السراب شيئاً فاكتفى بذكر السراب عن ذكر موضعه انتهى منه بلفظه.

والوجه الأول أظهر عندي وعنده بدليل قوله: وقد يحتمل أن يكون معناه الخ ...

قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} . هذه الآية الكريمة تدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- له الإذن لمن شاء وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} الآية يوهم خلاف ذلك.