للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عفِّ الشمائل طيب الأخبار

ولقد تطلع بعض المسلمين في الصدر الأول إلى فرضية الحجاب، وتوقعوا صدوره عن الشارع تبعاً لما عرفوه عن طبيعة هذا الدين، ومن هنا كانت استجابة النساء المسلمات لآيات الحجاب استجابة سريعة رائعة. فما أن نزل قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} حتى استجبن لهذا الهدي القرآني الاستجابة الكاملة فأسرعن إلى الحجاب، وأدنين عليهن من جلابيبهن حتى لا يكاد يُرى منهن إلاّ مكان عين واحدة.

فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزلت آية الحجاب، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة".

ولم تكتف النساء المؤمنات بمطلق الحجاب، وبقيت أنفسهن المؤمنة تتطلع إلى الكمال فيه، فهذه أسماء بنت مرثد رضي الله عنها يتردد إليها النساء تبدو منهن الزينة والخلاخل، والصدور والذوائب، فيسيئها ذلك وتقول: ما أقبح هذا!؟ فينزل قول الله عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... الآية} .