للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى: إنّ في إظهار اسم الجلالة في موضع الإضمار لإشعار بعلّة الحكم؛ إذ الألوهية مناط لجميع صفات الكمال لله تعالى التي من جملتها تنزهه تعالى عمّا لا يليق به؛ ولتربية المهابة وإدخال الروعة (١) .

الثانية: إنّ في وصفه تعالى في موضع التسبيح ب (رب العرش) -ههنا- تأكيداً لتنزهه؛ إذ فيه تذكير بأنّه انفرد بخلق السموات وهو شيء لا ينازع فيه المشركون؛ بل هو خالق أعظم السماوات وحاويها وهو العرش، وبذلك يلزمون بلازم قولهم بانفراده بالخلق وهو انتفاء الشركاء له فيما دون ذلك (٢) .

مطلب: في وصفه تعالى بقوله: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} بعد التسبيح:

- وصف الله تبارك وتعالى ذاته بعد أن نزّهها عما لا يليق بها بأنه لا يُسأل عن أفعاله ولكن غيره من العباد يسألون عن أفعالهم وأعمالهم، وفي هذا مزيد لتنزيهه تعالى؛ إذ يحمل هذا الوصف إبطالاً لآلهية المقرَّبين -التي زعمها المشركون الذين عبدوا الملائكة وزعموا أنها بنات الله- بطريقة انتفاء خاصية الإله الحق عندهم إذ هم يُسألون عما يفعلون وشأن الإله ألاّ يُسأل (٣) .

المبحث الخامس

في آية سورة المؤمنون:

قال الله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ. عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٤) .

مطلب: في بيان ما قبل التسبيح وصِلَته:


(١) تفسير أبي السعود: ج٦ ص٦٢.
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٧ ص٤٤.
(٣) التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٧ ص٤٦.
(٤) سورة المؤمنون: الآيتان (٩١-٩٢) .