للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما يعني الإسلام بذلك أن يكون هناك تجاوب إنساني نبيل تستريح إليه النفوس وترضى عنه ومن أجل ذلك تهش في الداخل قبل أن تتبسط أسارير الوجه في الخارج عند اللقاء أو عند الحديث أو عند المشاركة في عمل ما. فليس تجاوب النفوس أو رضاها وسرورها عند اللقاء أو عند الحديث أو عند المشاركة في عمل ما إلا ظاهرة تعبر عن الإدراك النفسي الخفي لجمال الألفة وعاطفة الإنسانية والأخوة. وهذا المثل لعاطفة الإحساس بالحسن والجمال إنما هو ذرة من المحيط القرآني في مجال التفسير النفسي. وإذا قيل الجمال فهو جمال السلوك وجمال القول. وجمال الصنع وجمال الإنسانية في الإنسان الآخر وجمال العلاقات مع الغير. وجمال الطبيعة والاحتفاظ به.

وإذا ضربنا مثلا لعاطفة الحب. نجد أن الإسلام أقرها ولكن جعلها لله أولا ثم لرسوله ثم للصالحين من بعده على نحو ما جاء في القرآن الكريم: {يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [٥] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [٦] .

وكذلك أقر الإسلام الحب للصالحين من الناس لأن محبوب المحبوب محبوب.

لقد كان مشهدا عظيما ذلك الحب حب أمير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة.

لقد أهدى حكيم بن حزام إلى خديجة زيد بن حارثة بعد أن وقع في الأسر وأهدته خديجة إلى السيد الجليل محمد زوجها وأمير الأنبياء جميعها.

وعلم أبو زيد وعمه أنه مملوك لمحمد وأنه جالس في الحرم المكي وجيء بزيد بين السيد الجليل محمد وبين أبيه فقال الرسول: "ما هذان"قال: "هذا أبي وهذا عمي" فقال صلوات الله عليه موجها حديثه إلى زيد: "أتختارني أم تختارهم؟ "فقال: "أنت مولاي وحبيبي ولا أختار أحدا أبدا".