للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس الإسلام قولا باللسان فقط, إنما الإسلام قول باللسان يسبقه تصديق بالقلب ويتبعه عمل بالجوارح, يطابق ما يعتقده القلب وما ينطق به اللسان، فالمسلم يعتقد أن الله واحد لا شريك له وأنّ محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله, فيقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وقد أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وقد ظهر الإسلام على الأديان ودانت له الشعوب وخضعت له الرقاب على يد المسلمين الأوّلين الذين أقاموا صرحه على حبهم لله ولرسوله ولدينه، وبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيله، وأموالهم كثيرة في إحيائه ورفع كلمته، وآثروا الآخرة على الدنيا، وفضّلوا الموت في سبيل نصرة الحق على الحياة، وحكموا اليهود والنصارى والمجوس والمشركين فعدلوا فيهم، وجعلوهم يفضّلون حكمهم وهم البعداء عنهم على أهليهم وبني أوطانهم الأدنين منهم، وكان لعدلهم وقوتهم وسامي أخلاقهم دوي في الدنيا كلها فاق دوي جميع من كان له دوي من الحكام وما كان له دوي من القوانين والشرائع، ونفذوا أحكام الإسلام كاملة فيما ولاّهم الله عليه ونصروا ربهم وأعزّوا دينه ورفعوا كلمته، فنصرهم ربهم وأعزّهم وأعلى شأنهم، وجعلهم خلفاءه في الأرض طبقاً لوعده في قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .