للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصاب المدينة _ عام الرمادة _ قحط أجدب الأرض، على عهد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فاجتمع الناس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتقدم عمر أمير المؤمنين، وقد تيقن أنه فقد أغلى كنز وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما دعا الله إلاّ واستجاب له. فتواضعاً منه رضي الله عنه وهو الإمام في الدين والدنيا، التمس أتقى الناس وأخيرهم لأن جلال الموقف وعِظَم الخطب يقتضي ذلك، فعيّن العباس لأنه من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو الله تعالى. فقام العباس رضي الله عنه وتوضأ _ والوضوء وسيلة وعمل صالح تعبدنا الله به إذ هو مكفر للصغائر _ ودعا الله عز وجل، ولتطمئن أخي المسلم من صحة ما بينت لك، إليك هذا النقل الوارد في كتاب فتح الباري شرح البخاري، الجزء الثاني ص٣٩٦ _ و٣٩٩ في (باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء) .

"وقد بيّن الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلاّ بذنب ولم يكشف إلاّ بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك, وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث، فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس". وأخرج من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر بن الخطاب عام الرمادة أن عمر استسقى بالعباس بن عبد المطلب فذكر الحديث. وفيه فخطب الناس عمر فقال: "إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى الولد للوالد فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله". وفيه فما برحوا حتى سقاهم الله. انتهى الحديث.