للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما كتاب الدكتور عبد الكريم عثمان (موضوع حديثنا) فهو أول كتاب من نوعه يتناول خصائص الثقافة الإسلامية، وتاريخها ومستقبلها، - وما أظن كتابا عالج هذه القضايا مجتمعة - ومن هنا تأتي أهمية الكتاب، فبالرغم من صغر حجمه، إلا أنه قد ألم بالخطوط الرئيسية لهذه القضايا الكبرى ووضعها في إطارها المناسب، وكنا نتمنى لو توسع الدكتور عبد الكريم في هذا البحث - الشاغر المكان في المكتبة الإسلامية - ولعل الله يهيئ له الوقت المناسب فيتحفنا بدراسة مستفيضة في الطبعة الثانية إن شاء الله.

يبدأ الدكتور عبد الكريم محاضرته بمقدمة يتحدث فيها عن أزمة العالم الإسلامي الناتجة من مواجهته للحضارة الغربية، وعن واجب المفكرين في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، "وإذا كانت المشكلة الرئيسية التي يعاني منها المسلمون تتمثل في أنهم لم يستطيعوا حتى الآن أن يضعوا أيديهم على أبعاد شخصيتهم وحقيقتها وأهدافها"فإن "واجب المفكر المسلم أن يحس هذه الأزمة ويحياها، فلا يصح أن تكون مساهمته في مجرد ذكرها والحديث عنها.. واهتمام المفكر في هذه الأزمة يجب أن يتوجه إلى المشاكل الأساسية في الكيان الفردي والاجتماعي مقدما الأهم على المهم, والمهم على الحقير التافه في السياسة والاقتصاد، في الاجتماع والثقافة. ولا شك في أن التعرف على الثقافة الإسلامية هو أول خطوة في طريقنا إلى تحديد أبعاد شخصية هذه الأمة، لوضع منهج للتفكير وخطة للعمل".

وبين يدي المحاضرة يقدم تعريفا لمصطلحات (الثقافة) و (الحضارة) و (المدنية) حيث يقصد (بالمدنية) الجانب المادي والمظهري من الحياة، ويقصد ب (الثقافة) ما يقابل المدينة من الناحية المعنوية في حياة الناس بما في ذلك ما يتصل بالروح والفكر والعقل والذوق والمشاعر وكل ما يتصل بتثقيف العقل والنفس. أما الحضارة بمفهومها الحديث فيعنى بها "الحصيلة الشاملة للمدنية والثقافة، وهي مجموع الحياة في صورها وأنماطها المادية والمعنوية".