للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرسول: (مبتسما) لم يخطئ حدسكم. إن والدي عربي وقد اختارني سيدي لهذه الوفادة أملا في أن أوفق لإقناعكم بالكف عن المقاومة اليائسة، رحمة ببقية الدماء ...

الملك: نعم الاختيار. وإنها لفرصة كريمة أن نشركك في أمرنا كأخ لا ينسى حقوق الرحم.

الرسول: يؤسفني أن أقول أنني لا أستطيع خدمتكم بشيء سوى أن أنصح لكم بالتسليم. كان عليكم أن تفكروا في هذا المصير يوم تعهدتم لمولاي بتسليم غرناطة إذا فرغ من القضاء على عمكم ...

الجميع: -في دهشة- يا الله.. نعوذ بالله!..

الرسول: أما وقد انتهى أمر عمكم فعليكم أن تفوا لمولاي، وأن تعملوا للإفادة من عطفه ...

الملك-مطرقا- أعترف بأنني أنا الذي سعيت إلى نهايتي بعقوقي وجهالتي، ولكن ... أرجو أن أجد في قلب فرديناند متسعا للأبرياء من الشيوخ والأطفال والنساء.

الرسول: ما أحسب سيدي ضنينا بهذه الرحمة.

الملك: ليكن أمر الله. فاذكر لنا مطالبكم إذا شئت.

الرسول: (يخرج من ثيابه أوراقا) مطالبنا أن يقسم الملك وكبار القادة يمين الطاعة لملكي قشتالة وأراغون، على أن يغدو مسلمو غرناطة رعايا لهما، محتفظين بأملاكهم وأسلحتهم، أحرارا في دينهم ومحاكمهم، وضمانا لذلك تقدمون أربعمائة من أعيان غرناطة وشبابها رهائن لتنفيذ هذه الشروط.. تلك مطالبنا ولا سبيل إلى تعديلها وهاهي ذي صورة الاتفاق لا ينقصها سوى توقيعكم.

(ويقدم الوثيقة إلى الملك)

الملك: شروط كريمة.

القاضي: إذا شفعها التنفيذ.

الرسول: مهما يكن من شيء، فليس للمغلوب أن يناقش الغالب في وفوده. إن عليه أن يحسن به الظن، ويسلم إليه القياد.

الملك: رأيكم يا سادة غرناطة.

القاضي: لا خيرة في الشر. وعسى الله أن يلهم الغالبين فيفوا لنا ببعض ما أسلفنا إليهم من البر.

الرسول: إذن فلتتفضلوا بالتوقيع فإن في التأخير مهالك لأحد لها.