للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فديننا والحمد لله يدعو المسلمين في جميع تشريعاته التي شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده، وتعبدهم بها يدعوهم إلى التعاون والتآزر، والتعاضد والمؤاخاة ليربط المسلمين جميعا برباط واحد وثيق، لتكون أمتهم أمة واحدة قوية، تخشى صولتها الأمم، وتحسب حسابها الشعوب، تغضب الدنيا لها إذا غضبت، وتضحك الدنيا لها إذا رضيت، يرهب الأعداء بأسها، ويخطب الأصدقاء ودها.

وهكذا كانت أمة الإسلام من قبل قوة جبارة وصولة باطشة، وسلطانا قاهرا، وقوة غالبة، وحصنا منيعا. وذلك طبيعي في أمة تجمعت أفرادها واتحدت قواها {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} .

وقد حدثنا التاريخ أن المسلمين بوحدتهم وتجمع صفوفهم استطاعوا أن يدكوا عروش القياصرة والأكاسرة، وأن يطوِّحوا بتيجان الجبابرة.

وإن الأوربيين ما سادوا وخضعت لهم الدنيا، ودان لهم العالم، وأسلمت الحياة قيادها لهم وأصبحوا يهددون أمن المسلمين وسلامتهم، مع خسة في العنصر، ولؤم في الطبع، وإفلاس في الدين، وزيغ في العقيدة، ما وصلوا إلى ذلك إلا بفضل تجمعهم واتحادهم.

ولكن في صفوفهم انضمام

فما سادوا بمعجزة علينا

والإسلام حريص على سلامة أمته، وحفظ كيانها، وهو لذلك يطفئ بقوة الخلاف، ويهيب بالأفراد كافة أن يتكاتفوا على إخراج الأمة من ورطات الشقاق ومصايرة السوء "يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار} .

هذا هو السياج الذي يحفظ على الأمة الإسلامية وحدتها، ويقيها شر العواصف والانهيار، ويمكنها من المحافظة على سلامتها وأمنها، فتتم النعمة ويعود الشعار إلى أصله، أمة واحدة، ورب واحد {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} .

والتاريخ الحديث خير شاهد على أن المسلمين والعرب إذا تمسكوا بدينهم، وعادوا إلى وحدتهم، وجمعوا صفوفهم كان الله معهم، وتحقق النصر لهم.