للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل من يوم أن حاولوا عقد صلات ومشابهات وموافقات بين نظامهم الإلهي الإسلامي والنظم البشرية الأخرى التي صاغها الناس لأنفسهم في معزل عن الله تعالى ذلك أن الإسلام لا يعتز أن يكون بينه وبين النظم العالمية الأخرى مشابهة أو موافقة لأنه لن يزيد فضلاً ولا كمالاً بهذه النسبة أو المشابهة أو الموافقة لأن كماله المطلق في نسبته إلى صاحب الكمال المطلق وحده وهو الله تعالى جل شأنه، فالإسلام قدّم للبشرية نموذجا من النظام الإلهي ولم يحاول أن يقلد نظاماً من النظم بل اختار طريقه متفرداً فذاً، وقدم للإنسانية علاجاً إلهياً كاملاً لمشكلاتها جميعاً ولقد يحدث في تطور النظم البشرية - لا الإسلامية - أن تلتقي بالإسلام تارة وأن تفترق عنه تارة، ومع ذلك فهو نظام مستقل متكامل لا علاقة له بتلك النظم لا حين تلتقي معه، ولا حين تفترق عنه، فهذا الافتراق، وذلك الالتقاء عرضيان ووليدة مصادفات، وفي أجزاء متفرقة، ولا عبرة بالاتفاق والاختلاف في الجزئيات والعرضيات، إنما المعول عليه هي النظرة الأساسية وتصوره الخاص، وعنه تتفرع الجزئيات فتلتقي أو تفترق معه جزئيات من النظم الأخرى ثم يمضي الإسلام في طريقه المتفرد بعد كل اتفاق أو اختلاف، لأن قاعدته الأساسية التي يقوم عليها تختلف كلياً عن القواعد التي تقوم عليها الأنظمة البشرية جميعاً، فالإسلام يجعل السيادة لله وحده، فالأمر والحكم كله لله، وهو المرجع الأعلى في كل شيء والمصدر الوحيد لكل قانون أو دستور.

فالله تعالى وحده هو الذي يشرّع الأحكام في كل شيء، وسائر الأنظمة والقوانين تقوم على أساس أن المشرّع هو الإنسان فهو الذي يشرّع لنفسه، وهما قاعدتان متناقضتان لا تلتقيان.