للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف يتوقع من الداعية أن يكون قدوة لغيره وهو لم يستطع أن يصلح ذات نفسه، إنه والله للإفك المبين! إن على الداعية أن يخجل من نفسه، وأن يرهب عقاب ربه، {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} عليه أن يبلغ من تأديب نفسه وزجرها وكبح جماحها ما بلغه الأسلاف الراشدون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فإنه بغير ذلك لن يكون نافذ التأثير، قوي العظة، محركاً لمشاعر الجماهير الساعية إلى الحق وطلب الهداية، فالجماهير تتأثر بالفعل قبل القول، وبالقدوة قبل الخطبة، وبالسيرة الوضيئة النبيلة قبل المحاضرة الجريئة الطويلة.

واكبر منه جاهل يتنسك

فساد كبير: عالم متهتك

لمن بهما في دينه يتمسك

هما فتنة للعالمين عظيمة

روى الطبراني في معجمه الصغير عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً، أما المؤمن فيحجزه إيمانه، وأما المشرك فيقمعه كفره، ولكن أتخوف عليكم منافقاً عالم اللسان، يقول ما تعرفون، ويعمل ما تنكرون! " فليتأمل هذا كل من يجري الشهد في بيانه، بينما يختبئ ثعبان أرقط تحت لسانه! يتكلم بالحكمة شعراً ونثراً، بينما يحمل قلبه شرا وجمرا..

ونستعيذ بالله تعالى من كل شيطان عنيد.

ثم تعال يا صاحب البيان الطلي، والأسلوب الشهي..

ماذا يحمل بيانك الصائب من علم وافٍ وفقه كافٍ وحديث شافٍ..