للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصدره أن يكون الإنسان سيد نفسه وأن يعلم أنه يريد فيعمل أو يمتنع عن العمل، وليس قصاراه أن يساق إلى ما يراد.

إن المجتمع قد يملي على الإنسان ما يليق وما لا يليق، ولكنه لا يغنيه عن الضابط الذي تناط به جميع الأخلاق".

والدين هو الضابط الذي لا غنى عنه في كل خلق من الأخلاق، وبه يتسلط الفرد على ما يفرضه المجتمع عليه من حسن وقبح، فيأخذ ذاك ويترك هذا فيعلوا على المجتمع في كثير من الأحيان، وبدونه يتسلط المجتمع على الفرد في كل ما يفرضه عليه مما يليق، فيكون أسيرا لا يملك الاختيار غضيضا لا يحسن النظر، مشوشا لا يجيد الفرز والانتقاء.

والدين هو الضابط الذي يشعر الإنسان بالمسؤولية، ويجعله يحاسب نفسه بها، وبالتالي فإنه يرفض أن يرتكب ما يشين. يتعارض وجمال الأخلاق التي انضبط بضوابطها.

وهذا هو "عزم الأمور"الذي جعله القرآن الكريم من مظاهر السمت الجميل والخلق الفاضل، والشخصية الإنسانية الكريمة.

والقرآن الكريم أرسى قواعد المسؤولية الفردية، وأناط بها تكاليف الدين والأخلاق، "كل نفس بما كسبت رهينة " [١٣] وقال [١٤] : ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخر.

خلاصة القول: أن الشر - على العموم - ليس مشكلة علمية تحتاج إلى نتاج العقل، ولا مشكلة كونية تحتاج إلى تقدم العلم، ولكنه في حقيقته مشكلة العواطف الإنسانية، والهوى الجامح، والرغبة المتمردة، التي تجعل الإنسان يرفض الألم، ويجهد في أن يكون شعوره بالسرور والمتعة غالبا على تصرفاته وممارساته.

وهذا الشعور يقتضي علاجا يطابق طبيعته، وحكمة تلمس جوانب حقيقته ن ولا نعلم علاجا أو حكمة تطابق طبيعة ذلك الشعور غير الدين.

وإذا كان هذا الشعور الإنساني في هذه المشكلة يتطلب الدين، فليس هناك ما يمنع من الاستعانة على إيصال الدين وتعاليمه ونظرياته التربوية والأخلاقية بواسطة ما توصل إليه الإنسان من تقدمه في العلم والحضارة.