للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن تعظيم الأضرحة بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد بدأت عبادة الأصنام بتعظيم الأموات باتخاذ صورهم والتمسح بها والصلاة عندها.

وقد آل الأمر بمن يعظّمون القبور إلى أن شرعوا لها حجا، ووضعوا لها مناسك، وفي هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول في دين عبادة الأصنام، ومخالفة لما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند زيارة القبور.

إنّ الذي شرعه الرسول عند زيارة القبور إنما هو تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له والترحم عليه، والاستغفار له وسؤال العافية له، فيكون الزائر محسنا إلى نفسه، وإلى الميت، فقلب هؤلاء المشركين الأمر، وعكسوا الدين، وجعلوا المقصود بالزيارة الشرك بالميت ودعاءه والدعاء به، وسؤاله حوائجهم، واستنزال البركة منه، ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك، فصاروا مسيئين إلى أنفسهم وإلى الميت.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى الرجال عن زيارة القبور سدّاً للذريعة، فلمّا تمكّن التوحيد في قلوبهم، أذن لهم في زيارتها على الوجه الذي شرعه، ونهاهم أن يقولوا هجرا، ومن أعظم الهجر الشرك عندها قولا وفعلا.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "زوروا القبور فإنها تذكركم بالموت".

وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر" رواه أحمد والترمذي وحسنه.