للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلف القائلون بلزوم السند للإجماع في قطعية السند وظنيته.

فقال أهل الظاهر: إن مستند الإجماع لا بد أن يكون قطعيا كنصوص الكتاب ومتواتر السنة، ولا يجوز أن يكون ظنيا كخبر الواحد والقياس، لأن الإجماع قطعي الدلالة فلا ينعقد إلا عن دليل قطعي إذ غير القطعي لا يفيد القطع.

وقال الأكثرون: إن مستند الإجماع يكون قطعيا، ويكون ظنيا كخبر الواحد والقياس. وقد وضح الشيخ الخضري في كتابه أصول الفقه والشيخ فايد في محاضراته في الإجماع وجهة نظر الأكثرين بما حاصله [١٩] .

١- إن النصوص الدالة على حجية الإجماع نصوص عامة تفيد انعقاد الإجماع سواء أكان سنده قطعيا أم ظنيا، فاشتراط القطعية تخصيص للنصوص من غير دليل وذلك باطل.

٢- وقع إجماع من المجتهدين مستندا إلى خبر الواحد كإجماعهم على حرمة بيع الطعام قبل قبضه لدلالة حديث ابن عمر رضي الله عنهما "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه" [٢٠] وكذلك انعقد إجماعهم مستندا إلى القياس كإجماعهم على تحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه، وعلى إراقة السيرج ونحوه إذا ماتت فيه فأرة قياسا على السمن [٢١] وردوا على الظاهرية القائلين بأن الإجماع قطعي فلا يكون إلا عن قطعي بأن قطعية الإجماع لم تثبت من جهة السند، وإلا لكان الإجماع لغوا لأن المثبت للحكم حينئذ هو الدليل القطعي وليس الإجماع.

قال الغزالي: "يجوز انعقاد الإجماع عن اجتهاد وقياس" [٢٢] .

وقال ابن قدامة المقدسي: "يجوز أن ينعقد الإجماع عن اجتهاد وقياس ويكون حجة" [٢٣] .

والذي أراه أنّ الاتفاق إن وجد من علماء العصر فهو دليل وحجة سواء أكان هذا الاتفاق عن دليل قطعي أو ظني، لأن الحجة تنتقل من ذلك الدليل إلى الإجماع، فإن كان في الأصل قطعيا فالإجماع يفيد التأكيد والتعضيد لأنه يكون من قبيل تضافر الأدلة على الحكم الواحد.