للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جاء الحاكم بأمر الله ابن العزيز فوجد دولته ثابتة الأركان, عزيزة المنال, فما عليه من بأس لو كشف المستور, وأبرز المخبوء, فهو لم يحرم العمل نهارا والسكون ليلا إلا على اعتبار أنه مدير الكون, فمن حقه أن يجعل الليل نهارا والنهار ليلا, وعلى هذا الأساس حرّم ما حرّم من الطعام والملبس, فهو وحده الذي يحلّ ما يشاء ويحرم ما يشاء, قبّحه الله.

وليس أدلّ على هذا من أنه أمر الناس بالسجود له, ولنستمع الآن إلى أئمة المؤرخين من السلف الذين فطنوا إلى الفاطمية وحقيقة أمر الحاكم:

١- قال فيه الحافظ ابن كثير في الجزء الثاني عشر من البداية والنهاية: "كان جباراً عنيدا وشيطانا مريدا, أخزاه الله", وقال: "كان يروم أن يدّعي الألوهية كما ادّعاها فرعون, فأمر أهل مصر إذ قاموا عند ذكره خرُّوا له سجّداً, حتى إنه ليسجد بسجوده من في الأسواق", ثم ذكر أن العامة بمصر كانوا يكرهونه, ويكتبون له الأوراق بالشتيمة البالغة له ولأسلافه.

٢- ثم انظر إلى ابن الجوزي وما قال فيه: "ثم ازداد ظلم الحاكم حتى عنَّ له أن يدَّعي الربوبية, فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد.. يا أحد.. يا محيي.. يا مميت قبحهم الله جميعا".

٣- أما الإمام السيوطي فقد أسقطهم, وأهمل ذكرهم في كتابه (تاريخ الخلفاء) , وفي ذلك يقول في مقدمة الكتاب: "ولم أورد أحداً من خلفاء العبيدين؛ لأنّ إمامتهم غير صحيحة لأمور؛ منها:

أ - أنهم غير قرشيين, وإنما سمَّتهم بالفاطميين جهلة العوام, وإلاّ فجدهم مجوسي, فقد كان جدُّهم يسمى سعيداً, وكان أبوه يهودياً حدّاداً تشابه.

ب - ومنها أن أكثرهم زنادقة خارجون عن الإسلام ومنهم من أمر بالسجود له" إلى أن قال: "ومثل هؤلاء لا تصح لهم إمامة".