للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولا: الآيات مكية وتتحدث عن علوين وإفسادين لليهود فهل مضى هذان العلوان قبل نزول الآية أم أنهما آتيان.

مما لا شك فيه أن اليهود دمروا أكثر من مرة قبل الإسلام، وقبل نزول الآيات فقد سباهم البابليون، ودمرهم الرومان وذلك أنه منذ أن غضب الله عليهم نتيجة سوء تصرفهم وحقدهم على الله وأنبيائه غضب الله عليهم وجعلهم يتصرفون تصرفا يلجئ البشرية إلى إذلالهم وضربهم. يقول الله تعالى في سورة البقرة آية ٦١ {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ثم تقرر آية أخرى في سورة أخرى أن العذاب سيستمر في اليهود والتدمير لهم إلى يوم القيامة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} الأعراف آية ١٦٧.

إذن لا غرابة أن يكون إفساد اليهود وعلوهم ثم تدميرهم أكثر من مرة قبل الإسلام ولا غرابة أن يكون كذلك علو وفساد بعد الإسلام ثم تدميرهم.

وليس هناك ما يمنع أن يكون الفساد والعلو ثم التدمير لمرتين بعد نزول الآيات والواقع أن المتعمق في الآيات يجد المرتين في علو اليهود وإفسادهم ثم تدميرهم هما بعد نزول آيات الإسراء.

وذلك أن الله يقول {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} ، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان ولا علاقة لما بعدها بما قبلها فوجود كلمة إذا في الآية تدل على أن الفساد والعلو ثم التدمير الأول آت وأنه لم يمر كما أن استعمال إذا للمرة الثانية يدل على أنها آتية لم تمر كذلك.