للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى ذلك يحتمل كل ما جاء في القرآن من تكرار المواعظ والوعد والوعيد، لأن الإنسان مجبول من الطبائع المختلفة، وكلها داعية إلى الشهوات، ولا يقمع ذلك إلا تكرار المواعظ والقوارع. قال الحق تبارك وتعالى:

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْر} .

قال الزمخشري [١] : ((أي سهلناه للإدِكار والاتعاظ بأن نسجناه بالمواعظ الشافية، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد..)) .

والتكرار- في القرآن العظيم- قد يكون بتكرير الجملة مرتين

كقوله تعالى: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [٢] .

{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [٣] .

{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [٤] .

{كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ} [٥] .

وقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [٦] .

وفائدته العظمى هنا التقرير. – لذلك قال العلماء: الكلام إذا تكرًر تقرًر.

وقد يكون بتكرير اللفظ.. وهذه هي حقيقته- أي إعادة اللفظ أو مرادفه، لتقرير معنى، خشية تناسي الأول لطول في الكلام.. كما في قوله تعالى:

{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [٧] .

وفي قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [٨] .

فإن أعيد اللفظ لا لتقرير المعنى الأول، لم يكن من التكرار.