للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكمة الرابعة: أن القرآن الكريم خلاصة وافية لكتب الله السابقة، فهو جامع لما توزع فيها من حق وعدل، وفضل ونبل، وزائد على هذه الكتب ما يناسب عصره، وما بعد عصره إلى يوم الدين.

وإلى بعض هذه الحكم يشير الدكتور محمد عبد الله دراز –رحمه الله- بعد أن بين أن من حق القرآن أن يعنى بحفظه في الصدور والسطور –فيقول: (وبهذه العناية المزدوجة، التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية إقتداءً بنبيها بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه ولم يصبه ما أصاب الكتب السابقة من التحريف والتبديل، وانقطاع السند، حيث لم يتكفل الله بحفظها، بل وكلها إلى حفظ الناس فقال: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّه} أي بما طلب إليهم حفظه..

والسر في هذه التفرقة، أن هذه الكتب السماوية السابقة للقرآن جيء بها على التوقيت، لا التأبيد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه، من الكتب، ومهيمنا عليها، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدا عليها بما شاء الله زيادته، وكان ساداً مسدها، ولم يكن شيئا منها ليسد مسده، فقضى الله أن يبقى حجة إلى يوم قيام الساعة، وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه، وهو الحكيم العليم [٨] .

فما هي هذه الأسباب التي يسرها الله لحفظ كتابه وصونه عن التحريف والتبديل؟ ذلك ما سنعرض لبيانه في مقال تال إن شاء الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


[١] الحجر: ٩.
[٢] فصلت: ٤٢ وانظر كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) : آرثر جفر: ٥.
[٣] انظر كتاب (الفارق بين المخلوق والخالق) : عبد الرحمن باجه جي زاده (٢٧٥-٢٧٧) .
[٤] سبأ: ٢٨.
[٥] مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ الزرقاني ج ٢/٢٣٢.