للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تنزل بالمدينة آية تتحدث عن هذه العالمية اكتفاء بما تمهد في صدر الدعوة إلا آية واحدة من سورة الأحزاب هي قوله جل شأنه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} وختم النبوة تقرير لهذه العالمية فإن القارات الخمس إلى قيام الساعة لن يطرقها من السماء طارق، ولن يجيئها من عند الله رسول، وسيبقى كتاب محمد صلى الله عليه وسلم وحده صوت السماء بين الناس إلى أن يحشروا للحساب فيقال لهم: {َقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وآية ختم النبوة صدقتها الأيام المتتابعة فها قد مضت أربعة عشر قرنا وما نزل من السماء وحي. وقد حاول الاستعمار الأوربي أن يضع يده على مخبول في الهند وآخر في إيران ليصنع منهما أنبياء يكابر بهما نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهيهات هيهات فإن الأوربيين أنفسهم احتقروا الرجل الذي صنعوه فما تبع أحدهم متنبئ الهند ولا متنبئ العجم، وبدأت اللعبة تنكشف ويفر عنها المستغفلون!! إن الصباح العريض الذي بزغ مع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم سوف يظل وحده النور الذي يغمر العالم ويملأ الأفق إلى أن يأذن الله بانتهاء الحياة والأحياء.

وإنما لفتنا النظر إلى أن الآيات الناطقة بعالمية الرسالة مكية كي ندحض فرية لبعض المستشرقين الذين زعموا أن محمد صلى الله عليه وسلم بدأ عربي الرسالة معنيا بقومه وحدهم فلما نجح في إخضاعهم أغراه النجاح بتوسيع دائرة الدعوة فزعم أنه للخلق كلهم. وهذا تفكير سقيم المأخذ بين السخفـ فقد رأيت بالاستقراء أن عالمية الرسالة تم التصريح بها في أوائل ما نزل من الوحي!!.