للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطيبة هي كلمة التوحيد يترجم بها الإيمان، وقوله سبحانه {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} الآية ٢٦ من سورة الفتح، وكلمة (التقوى) هنا أيضاً هي كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، والإيمان كله هنا، ومن هذا الكل يتفرع الجزء الذي ذكرته الآية في بقيتها، إذاً فكلمة الإيمان وهي الشهادة بالوحدانية، هي تلك التي أقام الله عليها دنياه وأخراه، وبغيرها خربت دنيا الناس وأخراهم إذاً فلابد أن تفهم ليعمر بها المؤمن ما هو فيه وما هو آتيه، ولا يكفي فيها أبداً ترديد الببغاء، كما لا يكفي فيها مجرد التعبير المحفوظ من أن معنى لا إله إلا الله لا معبود بحق سواه، وإنما يجب أن نعود بعيداً لنعرف أولاً كلمة التوحيد حتى نصل بها إلى ما حفظنا من تعاريف، فنقول إن الله لما خلق البشر لم يبدأ بترهيبهم وإنما بدأ بترغيبهم، لما عرض عليهم في صورة البشريّ الأول، فأول ما عرض عليه جنته ولم يره ناره، فوقعت المعصية فيها وتركت الجنة إلى شقاء الأرض، وأول ما حدث عليها من إنسان اختار ما يدخل النار {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الآية ٣٣ من سورة المائدة، ولما تكونت أول مجموعة بشرية استحقت أن يرسل فيها أول رسول، ما بدأوا دنياهم إلا بيغوث ويعوق ونسراً، ومن هنا عرفنا لماذا بدأت كلمة التوحيد بالكفر قبل الإيمان (لا إله) من هذا كله، لا شيطان تعبد بطاعته عندما ينزغ، ولا للهوى تتبع حتى تقبل، ولا ليغوث تدين بالضلال المبين، أنطق أولاً بالكفر بما عدا الله، فلا إله من هذا كله، إلا الله خالق هذا كله، فأنت نظفت القلب أولاً مما عدا الله، ثم ملأته بالإيمان بالله، فلم يعد فيه فراغ لسواه، فيصبح بعد ذلك لا معبود بحق سواه، وتكون قد أدركت بوضوح معنى (لا إله إلا الله) ، فهو وحده الذي