للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لو كان الأمر كما ظن البعض وهو أن الردّ لا يحصل إلا من قريب لكان المسلّم يحتاج من أجل الحصول على ذلك إلى أن يدخل الحجرة ويقف على شفير القبر، أما وهو داخل المسجد فقط فذلك بعيد وليس بقريب، والشيخ جعل الفارق بين البعيد والقريب هو المسجد؛ فمن سلم من داخل المسجد فهو في نظره قريب، ومن سلم من خارجه فهو بعيد، ولم يخصص مكانا من المسجد دون مكان، ونحن نتساءل: كيف يكون من سلم وهو في غربي المسجد - خاصة بعد الزيادات الأخيرة، وبينه وبين القبر مئات الأمتار - يكون قريبا، ومن سلم من خارج المسجد من الناحية الشرقية أو القبلية - وبينه وبين القبر أمتار محدودة قد لا تبلغ الخمسة عشر أو العشرين مترا - يكون بعيدا، مع أن المعتمد في ذلك والأساس الذي بنى عليه فضيلته هذا الحكم هو الاجتهاد المجرد من الدليل؟.. أما أنا فلا أجد جوابا لهذا التساؤل سوى ما ذكرت قبل، وهو حرصه على أن يربط بين المسجد والقبر.

٤- قد ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بطرق متعددة وشواهد كثيرة يرويها أئمة أهل البيت النبوي الطاهر وغيرهم؛ يفيد هذا الحديث بطرقه وشواهده أن لا فرق بين القريب والبعيد بالنسبة للسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يفيد أيضا أن النبي عليه السلام نهى عن اتخاذ قبره عيدا، وقد فهم رواة هذا الحديث من آل البيت النبوي أن من اتخاذ قبره عليه السلام عيدا التردد على القبر؛ فقد أنكر كل من علي بن الحسين زين العابدين وابن عمه الحسن بن الحسن على من يتردد على القبر مستدلين عليه بالحديث المشار إليه، والذي يرويانه بإسناديهما إلى جدهما سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - كما أخبرا أنه لا فرق في السلام عليه صلى الله عليه وسلم بين أن يكون من قريب أو من بعيد.