للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالإسلام أخص بالأعمال الظاهرة التي يظهر بها الانقياد لأمر الله والطاعة له والإتباع لشريعته وتحكيمها في كل شيء، والإيمان أخصّ بالأمور الباطن المتعلقة بالقلب من التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره؛ ولهذا لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره"، ففسر الإيمان بهذه الأمور الستة التي هي من أصول الإيمان، وهي في نفسها أصول الدين كله؛ لأنه لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، فالإيمان بهذه الأصول لابد منه لصحة الإسلام، لكن قد يكون كاملا وقد يكون ناقصا، ولهذا قال الله عز وجل في حق الأعراب: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} .

فلما كان إيمانهم ليس بكامل، بل إيمان ناقص لم يستكمل واجبات الإيمان نفى عنهم الإيمان يعني به الكامل؛ لأنه ينفي عمن ترك الواجبات، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا صبر له"، "لا يؤمن أحدهم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، "..فليكرم ضيفه"، "..فليصل رحمه"، "..فلا يؤذي جاره" إلى غير ذلك؛ فالمقصود أن الإيمان يقتضي العمل الظاهر، كما أن الإسلام بدون إيمان من عمل المنافقين، فالإيمان الكامل الواجب يقتضي فعل ما أمر الله به رسوله، وترك ما نهى عنه الله ورسوله، فإذا قصر في ذلك جاز أن ينفي عنه ذلك الإيمان بتقصيره كما نفى عن الأعراب بقوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} .، وكما نفى عمن ذكر الأحاديث السابقة.