للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أما اختلاف منظر القمر فهو مقدار ما يخالف موضعه الذي يرى بالقياس للموضع الذي هو فيه بالحقيقة الذي يدل عليه بالحساب وذلك أن قدر الأرض عند فلك القمر أعظم منه عند أفلاك سائر الكواكب لقربه منها إلى أن ينتهي إلى فلك البروج فيكون قدر الأرض عنده كالنقطة ولأن مركز الأرض هو مركز فلك البروج الذي هو موضع المنظر الحقيقي فإنما يختلف المنظر باختلاف ما بين مركز الأرض وظهرها الذي هو موضع منظر الأبصار ومقدار ذلك نصف قطر الأرض ولذلك صار اختلاف المنظر في القمر أكثر منه في غيره وأبين للحس ويقع ذلك ويختلف مع وقوعه بسببين مختلفين أحدهما من قبل اختلاف بعد القمر عن الأرض والثاني من قبل اختلاف بعده عن نقطة سمت الرؤوس في نواحي الفلك وذلك في دائرة الارتفاع إلى أن يجوز على قطب الأفق وهو سمت الرؤوس وعلى القمر والأفق. وإذا كان الموضع الذي نقطة هذه الدائرة في النصف مما بين الجزء الغارب من فلك البروج وذلك بعد ص عن الطالع التي هي نصف الدائرة وهي نصف المائة والثمانين وهو مقدار الزاوية القائمة من زوايا الفلك الأربع كان اختلاف المنظر عند ذلك يقع في العرض وحده فقط دون الطول ولا يتهيأ ذلك أن يكون على خط وسط السماء إلا في نقطتين من فلك البروج وهما نقطتي المنقلبين أعني أول السرطان وأول الجدي وذلك أن كل واحدة منهما إذا كانت على خط وسط السماء كانت إحدى نقطتي الاعتدالين أعني أول الحمل وأول الميزان على الأفق الشرقي والأخرى على الأفق الغربي في جميع الأرض ولذلك كانت الزوايا الأربع كل واحدة منها قائمة ومقدار الزاوية القائمة تسعون جزءاً وأما باقي أجزاء الفلك فإنها إذا كانت على خط وسط السماء اختلفت أبعادها عن الأفق فزادت على تسعين أو نقصت منها واختلفت الزوايا فصغرت وعظمت فما كان من أجزاء فلك البروج فيما بين أول السرطان إلى آخر القوس وعلى خط وسط السماء فإن موضع النصف فيما بين الجزء الطالع والجزء الغارب من فلك البروج يطلع في سائر الأقاليم مائلاً عن خط وسط السماء إلى ناحية المغرب وما كان منها هنالك فيما بين أول الجدي إلى آخر الجوزاء فإن النصف مما بين الطالع والغارب هنالك يميل إلى جهة المشرق ويقع اختلاف المنظر في هذين الميلين في خط وسط السماء في الطول والعرض معاً. وكذلك في نواحي الفلك إذا كان بعد الجزء المقصود عن الطالع أكثر من ص لأن الزاوية عند ذلك تقع أقل من قائمة وتكون نسبة اختلاف المنظر في العرض إلى اختلافه في الطول كنسبة وتر الزاوية إلى وتر ما يبقى لتمام زاوية قائمة فيقع ضرب كل واحد من الاختلافين في نفسه إذا جمعا مثل ضرب اختلاف المنظر الذي يكون فيما بين نقطة سمت الرؤوس والقمر في دائرة الارتفاع في نفسه. ويكون أبداً ميل اختلاف المنظر في العرض إلى جهة الجزء الذي تقطعه هذه الدائرة إذا كانت هي دائرة وسط السماء من نقطة سمت الرؤوس وميل اختلافه في الطول إلى ناحية الأفق الشرقي أو الغربي منه إلى الآخر.

<<  <   >  >>