للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الدّين والعقيدة، والفكرة وَالْمذهب والميل إِلَيْهِم وموالاتهم والاندفاع لمناصرة قضاياهم والتحمس لَهَا. وَبِالْعَكْسِ من ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يرتاح إِلَى من يخالفونه فِي ذَلِك ويشعر بغربة دينهم، وينفر مِنْهُم، بل ويحاربهم إِذا اقْتضى الْأَمر مهما تكن الروابط المادية بَينه وَبينهمْ، وَمَا ذَلِك إِلَّا لِأَن الآصرة الَّتِي يجْتَمع عَلَيْهَا النَّاس ويفترقون، هِيَ الدّين والعقيدة، أَو الفكرة وَالْمذهب وَلَيْسَت اتِّحَاد الْجِنْس وَالنّسب أَو الِاشْتِرَاك فِي الأَرْض وَالْحُدُود الجغرافية أَو السياسية وَلَيْسَت هِيَ الْمصَالح وَالْمَنَافِع الْقَرِيبَة.. فَهَذِهِ كلهَا أُمُور عرضية لَا علاقَة لَهَا بجوهر الْإِنْسَان الْكَرِيم..

أَلا ترى إِلَى الْيَهُودِيّ كَيفَ يتحمس لقضايا الْيَهُود فِي الْعَالم ويناصرها، ويوالي قيادتهم وَلَا يطمئن إِلَّا لِلْيَهُودِيِّ وَقد كشف الْقُرْآن الْكَرِيم لنا كَيفَ يُوصي بَعضهم بَعْضًا وَيَقُولُونَ: {وَلا تُؤْمِنُوا إِلَاّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} (آل عمرَان: ٧٣)

وَكَذَلِكَ الماركسي (شيوعياً كَانَ أَو اشتراكياً) هَوَاهُ مَعَ الْعَالم الماركسي ودوله وأحزابه الشيوعية والاشتراكية، فيهتم لأخبارهم ويناصر قضاياهم ويدافع عَن موقفهم وقضاياهم ويبرر أخطاءهم حَتَّى وَلَو كَانَت ضد شعبه هُوَ أَو ضد بَلَده وقضاياه..

وَقل مثل ذَلِك عَن النَّصْرَانِي والوثني.

أما شَأْن الْمُسلم فَهُوَ أَكثر وضوحاً فَهُوَ يهتم لأمر الْمُسلمين، فيحزن لما أَصَابَهُم ويفرح لما نالوه من خير فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، فَإِن لم يجد مثل هَذَا الشُّعُور فَهُوَ دَلِيل الْمَرَض فِي قلبه، والضعف فِي إيمَانه، وَمَا أصدق وأعمق دلَالَة هَذَا الْأَثر: "من لم يهتم بِأَمْر الْمُسلمين فَلَيْسَ مِنْهُم".. بل إِن الْمُسلم مَأْمُور بِنَصّ كتاب الله - تَعَالَى - وَسنة رَسُوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - أَن لَا يوالي بعد الله - سُبْحَانَهُ - وَرَسُوله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - غير الْمُسلمين الملتزمين بِإِسْلَامِهِمْ الَّذين لم يخلطوا مَعَه مبدءًا أَو مذهبا أَو شعاراً آخر لَيْسَ من الْإِسْلَام. قَالَ تعلى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ

<<  <   >  >>