للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصارت أهل هذا الزمان يدخلون كبب غزل الوبر ويصحبون معهم سراج ومقدحة وخطاف وفتل وبر يشد خيط الوبر في رأس باب الغار وكلما مشى أحدهم نشر الغزل والخطاف. فإذا وصلوا إلى الدكاكين رأوا فيها جميع الأمتعة والأقمشة وقد تهرأت من طول المدا والحديد قد علاه الصدأ والصفار قد تزنجر فيأخذ الجميع ما يرى فيه رمق ويجد بعض القوم ذهباً وفضةً ودراهم. وإذا رجع القوم لا يزالون يكببون غزل وبرهم وهم راجعون إلى فم السرب فلذلك العمل دأب القوم. ويقال إنّ بها ثلاث طرق إحداها تنفذ إلى سوق عكاظ والثانية إلى جبل الملحاء والثالثة تنفذ إلى بريقة فيد وهي أقربهن مسافة. حدثني أبو علي بن آدم اليزني قال: كثير من الرعاة ممن يحمل الذهب على غنمه فيقوم الراعي يطارد الذئب يريد قتله فيقع على المطلب. وهو طريق تنفذ إلى وسط البئر التي تقدم ذكرها، وطريق وسطى وهي التي بجبل الملحاء، والبعيدة التي تلي سوق عكاظ. والمكان إلى الآن باق ينزله من أراد على تقدم ذكره. وإلى أبيدة فرسخ وهي قرية حصينة في واد نزه. وإلى العقيق ستة فراسخ وهو يدبغ فيه الأدم ومنه يجلب القرظ إلى مكة. وبها الأمير أبو الحسن بن المعلم يقول:

قل يا رفيق المستها ... م متى يفيق المستهام

هذى المنازل والعق ... يق فأين ليلى والخيام؟

وقال أيضاً:

قف بالخيام المشرفات على الحما ... وأمزج دموعك في مغانيها دما

وإذا مررت على العذيب فقل له ... هل شربة تروي من الظمأ

إني ندمت على الذين ترحلوا ... يوم الغوير وحق لي أن اندما

فوددت لو سمحوا على بعودة ... يبرا بها الطرف القريح من العما

يا عين لا يذهب بناظرك العما ... فلربما دنت الديار وربما

إن بات جسمي في سهام فإن لي ... قلباً يتيماً بالعقيق متيما

وإلى تبالة ثمانية فراسخ. وإلى الجبل ثمان فراسخ، وهو جبل بني بدر وجميع من بها يهود والحصن حصن مكين في طرف جبل عالٍ والله أعلم.

[ذكر نهر السبت]

قالت أهل الذمة: إنه في أرض التيه. وحدثني يهودي صائغ بعدن قال: إنّ نهر السبت في أرض يقال لها صيون والأصح أنه في الحجاز وهو نهر رمل سيال يجري من ليلة الجمعة إلى غداة يوم السبت لم يقدر الإنسان أن يعبره من شدة جريانه في ذلك اليوم ويسكن باقي الأسبوع. ووراء هذا النهر من اليهود مائه ألف ألف رجل وامرأة وهم يزيدون على العد خارجون عن الحد، والقوم عرب يعقدون القاف الألف في لغتهم، وهي جملة القوم أولاد موسى بن عمران عليه السلام. ويقال إنما حصلوا هؤلاء اليهود في هذه الأرض والأعمال إلا من غزوة يخت نصر البابلي لليهود بأرض الشام وديار مصر والأصح لإظهار الله عز وجل محمداً (فخرجوا هاربين من خيبر ووادي القرى وسكنوا هذه الأراضي. إلى الآن إذا تاه بعض الحجاج بطريق مكة ووصل إلى القوم فبعضهم يقتله وآخرون يقبلونه ويردونه على احسن حال.

[فصل]

مما ذكره الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن الرازي في كتاب معرفة الأديان: مسلة شرعية، قال إنّ لليهود يوماً إذا عمل فيه إنسان شغلا حل دمه فإن لم يعمل فيه الشغل حل دمه. وما ذاك؟ قال: إذا ولد لليهودي طفل ففي سابع يوم الطفل يطهر أي يختن فإذا اتفق سابع الطفل يوم السبت وختن الطفل حل دمه لكسر سنته وإنّ لم يختن حل سفك دم والده مخالفة والده الشرع، وذلك شرعهم لأنه قال بترك الأوامر.

[فصل]

قال بعض النصارى: إنّ الإسلام عجيب! قلت: وما رأيت من العجب؟ قال: إنّ تنصر الإنسان حل قتله يعني لامتناعه في دخول الدين الحنيفي وإنّ أسلم قطع أي ختن فجريان الدم في الحالتين حاصل. وكذلك اليهود قتله في الحالتين حاصل على الخبر الأول والله اعلم.

ذكر شهور اليهود

<<  <   >  >>