للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحسن بن محمد بن الحوت: ليس هو كذلك وإنما كان يزن أحدهم سبعة يوسفية ونصف كل يوسفي ستة وعشرين قيراطاً وحبتين بوزن مكة، وفي دية الكلب نصف يوسفي صار المبلغ ثمانية يعقوبية، أسس ذلك في دولة الأمير عيسى بن فليتة وبقى يحيى على حله إلى أواخر دولة الأمير مكثر. فلما كثرت الأقاويل ووصل هذا الخبر إلى مسامع العالم أنفذ صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب إلى الأمير مكثر بأربعة آلاف إردب حنطة والأصح ستة آلاف أردب إلى جدة وإلى مكة وقال له: خذ هذا القدر وأترك عن المغاربة الجزية مع دية الكلب! فأزال الأمير مكثر ذلك كله سنة ست وثمانين وخمسمائة. وبقى الأمر على حاله في أيام الأمير قتادة بن إدريس بن مطاعم بن الكريم وأراد أن يرد الشيء إلى أصله يعني أخذ الجزية من المغاربة فأدركه الموت وارتفع عنهم. حدثني أبو الربيع سليمن بن الريع الطرابلسي قال: وكانوا ملوك الفاطميين يوزنون المغاربة جزية على كل رأس دينارين وقيراطين.

[فصل]

قال ابن المجاز: رأيت في المنام ليلة الثلاثاء ثالث عشرة ذي القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة كأني حدثني الأمير ناصر الدين فاروت والي عدن وفي هذا التاريخ تولى إمرة الحج إضافة إلى ولايته الأولى وكان الحاج قد رجع من مكة إلى اليمن وكأنه يقول من حج ورجع إلى الهند يوزنه عبد الغفور بن أحمد بن محمد بن الصناديفي البصري جزية عن كل رأس أثنين وتسعين فيلي ولو أن الحاج عقال لما سافروا إلى الهند إلا في مركبي حتى كنت أعطيهم مقرعتي فيأمن فيامن القوم من شر عبد الغفور في أخذ الجزية منهم وبنو مهدي ولاة زبيد ما كانوا يستحلون أخذ المكوسات من ما خلا الحاج وإنهم كانوا يأخذون منهم مقام الدرهم ثلاثة دراهم.

[ذكر الجار]

وهو موسى قريب من جدة ترسي فيه المراكب الواردة من الديار المصرية وهو بحر أسود جيفة وموج هائل تبطل فيه حيلة السابح.

[فصل]

سمعت من ألفاظ جماعة بمكة وغيرها أنه وقع من يد بعض السراملة قدوم بهذا المكان فشد في وسطه جراب ونزل ليأخذ الفأس فلما غور في النزول سمع هاتفاً يقول له: إلى أين أنت نازل يا عبد الله؟ فقال: نزلت لأخذ ما أنفلت من يدي. فرد عليه الهاتف: انفلت من مركب بهذا المكان أنجر فهو في النزول إلى قيام الساعة. والله اعلم واحكم.

[ذكر جزر الخيل]

يقال أنه كان في قديم العهد لم يكن هذا بحر وإنما كان عرصة إلا إنه لا فرق بين بر العرب وبر السودان. فلأجل ذلك إن السودان كانت تملك إقليم اليمن جميعاً دئماً في زمن الجاهلية والإسلام. ولما كثر الماء في البحر وظهرت صعوبته من قريب صاروا يعدونه في المراكب، فلما عرق البحر هذه الأرض وكل موضع كان عليها رجع جزيرة في البحر يقال لها جزر المطارد أي مطاردة الخيل. ويقال إنّ العرب غي قديم الزمان كانوا يطاردون الخيل في قعر هذا البحر لم كان ناشفاً. ويقال مربط الخيل بهذه الأمكنة والعلف والشجر موجود.

[صفة جدة]

هي مدينة صغيرة على ساحل البحر وهي فضة مكة، وليس يمكن بها السكن لازدحام الخلق بها في أيام الموسم الحاج لأنه يلتام إليها من جميع أطراف بلاد العالم والربع المسكون والبحر المعمور من ديار مصر والمغرب والهند واليمن. وإذا قل الماء على أهلها نقلوه من القرين من نصف الطريق ما بين مكة وجدة. وأهلها من نسل العجم وبناءهم من الحجر الكاشور وخوص وكلها خانات. والخان المعروف بها خان البصر وهما خانان متقابلان بمخازن كبار. ويقال أنه بني بظاهرها الأمير شمس الدين طنبغا خان كبير عظيم ينة ثلاث وعشرين وستمائة. وكل من بنى بها بيت خوص يزن للسلطان في كل بيت في السنة ثلاث دراهم ملية. وأما الدور التي هي بالحجر والجص فليس عليها شيء لأنها ملك لأصحابها وفي تصرب أربابها. ويقال إنّها سميت جدة إلا إنّها دفن بها أم البشر حوى عليها السلام فهي جدة جميع العالم فلما بني هذا البلد عرف باسم جدة أي حوى زوج أبي البشر عليه السلام. ويقال إنّها سميت بلاد العرب جزيرة لأحاطة البحار والأنهار من أقطارها وأرجائها فصارت بلاد العرب جزيرة من جزائر العرب.

ومن مكة إلى الرحالب

<<  <   >  >>