للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مالي وصحبة سكان العقيق وهم ... إن عاهدوا غدروا أو ذكروا جحدوا

يا حبذا جاحف الوادي إذا لعبت ... فيه الغصون وغنى طيره الغرد

[فصل]

تولى أعمال الكدراء القائد بلال في دولة الأمير فاتك بن محمد ونشأ في عهده القائد فرج بن اسحق فكان يأكل ويشرب إلى أن عبر أكله الحد فضجر منه خاله بلال، فلما رأى ذلك خرج فرج بن اسحق ومعه عبد اسود وكانوا يقطعون الطرق ما بين حرض والمحالب مدة عامين ونصف. بيناهم في حالهم عاملوا إذا قال العبد الأسود لفرج: يا مولاي أخاف إذا وصلت مع بلال تنساني. فأنشد فرج قول الشاعر:

إنّ الكرام إذا ما ايسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن

فلا زال العبد يردد البيت إلى أن حفظه. فمات القائد بلال وطلب فرج ابن اسحق فلما حضر ولوه أعمال الكدراء فرجع في الأمر والنهي والأخذ والعطا. فلما طال البعد على العبد طلب سيده ودخل الكدراء فكتب البيت المقدم ذكره في رقعة وعرضها على فرج بن اسحق. فلما وقف على الرقعة طلب العبد وادخله وأحسن إليه غاية الإحسان وولاه موضعا يعيش فيه باقي عمره. وفيه يقول:

ظباء في الفلا سنحوا ... هم منحوا وما منحوا

وصادروا ثم ما صيدوا ... هم اخذوا وما صفحوا

هم قتلوا فتى وجدا ... وقالوا انهم مزحوا

ألا شلت رماتهم ... ألا يريدوا من جرحوا

فتيلا من سهامهم ... على دمه قد اصطلحوا

سقى الصهباء ممتزجا ... فمعتبق ومصطبح

ألا يا أيّها الركبا ... ن والركب الذي انتزحوا

بكم قد ضاقت الدنيا ... وضاق الأمر فأفسحوا

إلى الكدراء فأرتحلو ... وقائد جيشهم أمتدحوا

عليهم بابن اسحق ... ففي فرج لكم فرج

وفتح باب العطا على نفسه لكل قاصد ووافد ولكل داني وناءى فلامه الناس على ما يفعل في إتلاف الموال والمحصول، فأمر أن يكتب على داره:

من عز بز ولم تؤمن بوائقه ... ومن تضعضع مأكول ومذمومُ

لا بارك الله في مالٍ أخلفه ... للوارثين وعرضي فيه مشتومُ

وإلى القحمة فرسخ ونصف وتسمى ذؤال، وذؤال كل ما هو بين البحر والجبل من مقابله. ويوجد بها الموز الطيب والرمان المليح ويقال انه يجلب من جبال اللوي وإنّه فيها غير مملوك. ويقال إنّ المفاليس والفحمة على طالع وذلك إنّه إذا طهر في غرب البلاد فساد وبدا منهم خلاف نهب الأشعوب المفاليس ونهب المعازبة الفحمة في لمح الطرف لان هذه القبائل مقاومين لهاتين المدينتين وهم عصاه طغاة، وقد بنى جمال الدين علي بن الحسن بن وهب مقابل الفحمة على جبل حصن الأضوح في غرة سنة أثنين وعشرين وستمائة، وكان قديماً خربة ملك من ملوك العرب وجدد ابن وهب بناءه وأحكمه غاية الأحكام. ومن الفحمة إلى محل إبراهيم ثلاث فراسخ. وإلى سفاكا ثلاث فراسخ، وهو حصن بني على أعلى قلة جبل عاص على ملوك اليمن ومنه يجلب الحمر وهو التمر هندي إلى كل بلد. وفي هذه البلاد عقد لم نسلك لكثرة شجرها ووعرها ويقع من هذه العقد خشب يسمى الرقع يعمل منه النشاب ويسلف منه على النجارين من الديوان كل ألف فردة بدينارين ملكية. ويكون بهذه العقد النارنج والأترج والليمون والموز ضائع لا مالك له وهذه الأشجار بين انهار وعيون. ويوجد في مياهها الحيات العظام. وإلى زهران ربع فرسخ، حصن بنوه العرب في وطأة مثل الكف فاستفتحه الملك المسعود يوسف بن محمد سنة عشرين وستمائة.

ذكر الأودية التي يقطع منها الخشب

<<  <   >  >>