للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثني يحيى بن علي بن أحمد الرداد قال: إنّ النواب ظلموا امرأة بدوية صاحبة نعم ومواشي. فلما شاهدت المرأة اجتراء القوم في أخذ نعمها ساقت ما بقي معها من المواشي وصعدت الدملوة وسكنت المكان. فلما جاء وقت اخذ الراعي من المواشي أبت على أداء ما عليها من حق وباطل ولزمة مكانها. فلمال رأوا قوة بأسها مع شدة ناموسها صعد لها قوم فلم تمكنهم من الصعود ونزلوا حولها فحاصروها فلم يعمل فيها شيء. فلما سمع والي العهد خبر المرأة وتمنعها عن أداء ما عليها من الضرائب المعهودة والقوانين القديمة ورأوا قوة الموضع أنفذ لها ذمة لها ولمن معها وأن يزل عنها وعن مواشها الخراج ويطيب قليها. فنزلت المرأة فبنى الوالي على الموضع حصنا منيعا وهو بذاته قوي مكين سمى الدملوة لدوام مكث طالبيه تحته على أخذه. وانشد محمد بن زياد المازني يمدح أبا السعود بن زريع قال:

يا ناظري قلي تراه كما هوه ... إني لأحبسه تقمص لولوه

ما أن نظرت بزاخر في شامخ ... حتى رأيته جالسا في الدملوة

ولم يقدر أحد من العرب على اخذ إلا سيف الإسلام طغتكين بن أيوب بعد أن حاصرها ستة سنين، وآخر الأمر اشتراها من القائد كافور مولى الداعي بمائة ألف دينار على شرط أن يأخذ جميع ما فيه ويسلم له الحصن شبه جوف حمار، وهو من الحبشة. فلما استوفى المبلغ نزل بحرم الداعي وبجميع ما كان إلى العارة وولي فيه المعلم أحمد الصلوي وجارية ويقال خادم حبشي. فركب في المركب وتعدى إلى أرض الحبشة وانفذ خاتمه إلى سيف الإسلام وأنفذه إلى المعلم أحمد الصلوي بتسليم الحصن. فقال أحمد الصلوي المعلم: لا سمع ولا طاعة لا لسيف الإسلام ولا للقائد كافور، وإما اليوم أنا ملك لتملكي هذا الحصن. فرد سيف الإسلام نزل على الحصن وحاصره ستة اشهر أخرى فلم يقدر على غرر المعلم. فلما انحصر اشترى الحصن من المعلم ثاني مرة بستين ألف دينار وملك الحصن فهدمه وأعاد بناءه ثانية. وركب عليه ستة أبواب ومن جملتها باب الذراع وباب نبهان وباب الأسد وباب الغزال. وحفر فيها ثلاث برك أحدها في الشمس على قلة الجبل والاثنين الآخرين في الفيء وغرس فيها بستاناً حسناً وبنى ميدان وحصنها غاية التحصين. وآخر من اشتراها فارس من جزا زوجة أتابك سيف الدين سنقر بمبلغ عشرين ألف دينار بعد أن حاصرها عام تام في دولة الملك المسعود يوسف بن محمد بن أبي بكر. فلما صار في حوزته وقبضته وأدار حول الجميع الحصن سوراً ثانياً لإحكام الحصن سنة أربع عشرة وستمائة. وقد غرس سيف الإسلام تحت الحصن بستانا يسمى الجنان ويقال الجنات فيه من جميع الفواكه ويطلع فيها وزن كل أترنجة عشرة أمنان. راجع على طريق حرز. من الجوة إلى العيارين فرسخين. وإلى نقيل حرز فرسخ، وما عرف بهذا الاسم إلا إنّه إذا جاز عليه أحد يحرز إنّ يؤخذ وهو تسهيل الملك. وإلى الماء الحار نصف فرسخ، وهو عين يخرج من معينه حار عرف الموضع به، وقد نبت على هذا الموضع جمل من شجر الاكاذي لله وفي الله. وإلى الدعيس أربع فراسخ، وهو من معاملة لحج. وأما أعمال لحج فإنها معاملة طويلة وعريضة تصح مقدار عشرين فرسخاً وقرى كبار من جملتها الرعارع. وفيه يقول علي بن الحسين الأعرج:

خلت الرعراع من بني مسعود ... وتبدلت بعد القرود أسود

فقال له الداعي سبأ بن أبي السعود: بل تبدلت بعد الأسود أسود. وهو محمد أبن منيع بن مسعود بن مكارم وكان صاحب لحج. فتغلب عليها سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم. وقور الدعيسي٠٠٠٠ لم يدخلها ناموس. ويرفع منه في كل سنه ألف دينار ملكي إلى بيت المال. واستولى عليها ناصر الدين محمد بن عمر بن المهدي الرازي فأخربها ونهب أهلها وأحرقها في غزة شوال سنة أربع وعشرين وستمائة، وأنتقل جميع أهلها إلى عدن وتفرقت بدوها في تهائم اليمن. وإلى عدن أربع فراسخ.

من الجوة إلى تعز

<<  <   >  >>