للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مضارِب في البَطخاء بيضٌ قِبَابُها ... كما قُلِّبَتْ للعَيْنِ أزهارُ سَوْسانِ

وما إنْ رَأَى الرَّاؤونَ في الدَّهْرِ قَبْلَهَا ... قرارة عزٍّ في مدينة كتَّانِ

تَفوتُ التِفاتَ الطّرْفِ حال انْتِقالِها ... كأنَّكَ قد سخَّرْتَ جِنَّ سُلَيمانِ

فقَدْ أطْرَقَتْ مِنْ خَوفِها كُلُّ بِيعَةٍ ... وطَأْطَأَ مِن إجلالِها كلُّ إيوانِ

وقد ذُعِرتْ خَولانُ بينَ بُيُوتِها ... غَدَاةَ بَدَت منها البيوتُ بِخَوْلانِ

فلو رُمِيَتْ مِصرٌ بها وصَعيدُها ... لأَضْحَتْ خَلاءً بَلْقَعاً بعدَ عُمرانِ

ولو يَمَّمَتْ سيفَ بن ذي يَزَنٍ لَمَا ... تَقَرَّرَ ذاكَ السيفَ في غمد غِمدانِ

تُرَاعُ بِها الأوثانُ في أرضٍ رُومَةٍ ... إذا خَيّمتْ شرقاً على طَرْفِ أوثانِ

وتُجْفِلُ إجفالَ النَّعامِ بِبَرقَةٍ ... ليوثُ الشَّرَى ما بَينَ تُرْكٍ وَعُرْبَانِ

وعَرضاً كَقِطْع الليلِ للخَيْلِ تَحْتَهُ ... إذا صَهَلتْ مُفْتَنَّةً رجْعُ ألحانِ

فَيُومِضُ مِنْ بِيضِ الظُّبَا بِبَوارِقٍ ... ويَقْذِفُ مِنْ سُمرِ الرِّماحِ بِشُهْبَانِ

ويُمْطِر مِنْ وَدْقِ السِّهَامِ بِحاصِبٍ ... سَحَائِبُهُ مِنْ كُلِّ عَوْجَاءَ مِرْنَانِ

وجُرْداً إذا ما ضَمِّرَتْ يومَ غارةٍ ... تَعَجَّبْتَ مِن ريحٍ تُقَادُ بِأرْسانِ

تُسابِقُ ظِلْمَانَ الفَلاةِ بِمِثْلِها ... أبَى النَّصْرُ يوماً أن تُلِّمَ بأجفانِ

نَظَرْتُ إليها والنَّجِيعُ لِباسُها ... فقُلْتُ سيوفٌ أَمْ شقائِقُ نُعْمانِ

تَفَتَّح وَرْداً خَدُّها حينَ جُرِّدَتْ ... ولا يُنْكِرُ الأقوامُ خَجْلَةَ عُرْيَانِ

كأنَّ الوَغى نادَتْ بها لوَليمَةٍ ... قد احتَفَلَتْ أوضاعُها منذُ أزمانِ

فإن طَعِمَتْ بالنَّصْرِ كانَ وُضوءَها ... نَجيعٌ ووافاها الغُبَارُ بأَشْنَانِ

لقد خَلُصَتْ للهِ مِنكَ سَجيَّةٌ ... جزاكَ على الإحسانِ منها بإحسانِ

فسَيْفُكْ للفتحِ المُبين مُصَاحِبٌ ... وعَزْمُكَ والنَّصرُ المُؤَزَّرُ إلفانِ

فَرُحْ واغْدُ للرحمنِ تحتَ كلاءَةِ ... وسَرْحَانَ، في غابِ العِدَى كلُّ سِرْحَانِ

ودُمْ والمُنَى تُدني إليكَ قِطَافَها ... مُيَسَّرَ أوطارٍ مُمَهَّدَ أوطانِ

وكُنْ واثِقاً باللهِ مُسْتَنْصِراً بِهِ ... فَسُلطانُهُ يَعلو على كُلِّ سُلطانِ

كَفَاكَ العِدَا كافٍ لمُلكِكَ كافِلٌ ... فَضِدُّكَ نِضْوٌ ميتٌ بَيْنَ أكفانِ

رِضَى الوالدِ المَوْلَى أبيكَ عَرَفْتُه ... وقد أُنكِرَ المعروفُ من بعد عِرْفَانِ

فكَمْ دَعوَةٍ أولاكَ عِندَ انتقالِهِ ... إلى العالمِ الباقي مِنَ العالَمِ الفاني

فعُرِّفْتَ في السَّرَّاءِ نِعْمَةَ مُنْعِمٍ ... وأُلْحِفْتَ في الضّرَّاءِ رحمةَ رحمانِ

عجِبتُ لِمَنْ يَبْغي الفَخَارَ بِدَعوَةٍ ... مجَرَّدةٍ مِنْ غيرِ تَحقيق بُرْهانِ

وسُنَّةُ إبراهيمَ في الفَخْرِ قد أتَتْ ... بِكُلِّ صحيحٍ عن عَلِيٍّ وعُثمانِ

وَمَنْ مِثْلُ إبراهيمَ في ثَبْتِ موقفٍ ... إذا ما التقى في حَوْمَةِ الحربِ صَفَّانِ

إذا هَمَّ لم يَلْفِتْ بلحظةِ هائِبٍ ... وإنْ مَنَّ لم يَنْفُثْ بِلَفْظَةِ مَنَّانِ

فَصَاحةُ قُسٍ في سماحَةِ حاتِمٍ ... وإقدامُ عَمْروٍ تَحْتَ حِكْمَةِ لُقْمَانٍ

شمائل ميمون النَّقِيبَةِ أرْوَعٍ ... لهُ قصباتُ السَّبْقِ في كُلِّ مَيْدانِ

مَحَبَّتُهُ فَرْضٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ ... وطاعَتُهُ في الله عُقْدَةُ إيمانِ

هنيئاً أميرَ المسلمينَ بِمِنَّةٍ ... حُبِيتَ بها مِنْ مُطْلَقِ الجُودِ مَنَّانِ

لَزَيَّنْتَ أجيادَ المنابِرِ بالتي ... أتاحَ لكَ الرحمنُ في آل زيَّانِ

قَلائِدُ فَتْحٍ هُنَّ لَكنَّ قَدْرَهَا ... تَرَفَّعَ أَنْ تُدْعَى قلائِدَ عِقْيَانِ

أمولايَ حُبِّي في عُلاكَ وَسيلَتي ... ولُطفَكَ بي دَأباً بِحَمْدِكَ أغرانِ

أياديكَ لا أنسى على بُعُدِ المَدَا ... نعوذُ بِكَ اللهُمَّ مِنْ شَرِّ نِسيانِ

<<  <   >  >>