للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هـ- الْحَاكِم عَن أبي الْحسن الكشاني عَن عمر بن مُحَمَّد بن بجير عَن الْعَبَّاس الْخلال عَنهُ١. وَهَذَا الطَّرِيق من أَسَانِيد الْبَيْهَقِيّ الْعَالِيَة٢.

وَقد يستمل نسختين خطيتين أَو أَكثر من هَذِه الْمَوَارِد فيقابل بَينهمَا، ويختار النّسخ الموثقة مِنْهَا. كَمَا صنع ذَلِك فِي "الْمسند الْكَبِير" للصفار٣ و"مُسْند أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ"٤، و"سنَن أبي دَاوُد السجسْتانِي"٥.

وَظَهَرت وفرة موارده فِي سَائِر الْمسَائِل الَّتِي بحثها فِي كِتَابه فنراه مثلا ينْقل عَن "تَارِيخ ابْن معِين" رِوَايَتَيْنِ مهمتين، وهما رِوَايَة "الدّوري" و"الدَّارمِيّ"، ويقتبس من "سُؤَالَات" أبي حَاتِم الرَّازِيّ لِأَحْمَد بن حَنْبَل، و"الْكَامِل" لِابْنِ عدي، كل ذَلِك فِي معالجة حَدِيث وَاحِد٦.

أما من حَيْثُ قيمَة هَذِه الْمَوَارِد، وَمِقْدَار أصالتها فَهُوَ أَمر ظَاهر يلحظه الدارس من خلال هَذِه الْقَائِمَة الَّتِي اشْتَمَلت على أُمَّهَات كتب السّنة، وَمَا يلْتَحق بهَا. وَالَّتِي يغلب عَلَيْهَا طَابع الْأَصَالَة والتخصص، فإنّ معظمها وضع فِي الْقرن الثَّالِث الهجري، ومصنف فِي قَائِمَة الْأُمَّهَات من كتب الحَدِيث.

وإنّ من أبرز مَا تَأَكد لدي - من خلال هَذِه الدراسة - حُضُور التكامل المعرفي فِي عمل الْبَيْهَقِيّ، فقد تمكن من اسْتِيعَاب الْكثير من الْموَاد العلمية الَّتِي دوّنها السَّابِقُونَ لَهُ من الْأَئِمَّة فِي مصنفاتهم، أَو تناقلوها بَينهم بِالسَّمَاعِ الشفوي من غير تدوين فِي كتاب مُصَنف. وَمن شَوَاهِد ذَلِك مَا وَجَدْنَاهُ فِي وفرة موارده الحديثية الَّتِي تنتظم رقْعَة وَاسِعَة من الزَّمن وَمَا أنتج فِيهِ من الْآثَار العلمية وتبدأ من منتصف الْقرن الثَّانِي إِلَى الرّبع الأول من الْقرن الْخَامِس الهجري.

وَقد تميز أسلوب الْبَيْهَقِيّ فِي التَّعَامُل مَعَ هَذِه الْمَوَارِد بالإِضافة المعرفية، فقد حرص على أَن يَجْعَل كِتَابه مُشْتَمِلًا على إضافات هَامة فِي ميدان "السّنَن" ثمَّ منْ حَيْثُ الكَمّ والكيف على السوَاء. فجَاء "سنَنه الْكَبِير" موسوعة جَامِعَة لكثير مِمَّا تقدم من الْأَخْبَار والْآثَار الصَّالِحَة للاحتجاج. وَكَانَ من ثمار هَذَا التكامل فِي الْعَمَل والحرص على مَنْهَج الْإِضَافَة المعرفية أَن


١ الْمصدر السَّابِق: ٢/ ٤٦٩.
٢ انْظُر الْمصدر السَّابِق: ٢/٥٧٧. وَانْظُر الذَّهَبِيّ سير النبلاء: ١٨/١٦٥.
٣ انْظُر: الْبَيْهَقِيّ السّنَن الْكُبْرَى: ٩/٢٢٨.
٤ انْظُر الْمصدر السَّابِق: ٣/٢٩٢.
٥ انْظُر الْمصدر السَّابِق: ٢/ ٤٧١، ٣/٣٥٥، ٧/١٠٩.
٦ انْظُر الْمصدر السَّابِق: ٧/ ١٠٥-١٠٧، وَانْظُر أَيْضا: ١/١٦٧-١٦٨.

<<  <   >  >>