للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدنى عاجلاً أو سوّف بالمغفرة آجلاً لقوّة جهله وضعف يقينه فقال تعالى: (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا) الاعراف: ١٦٩ وقال: (فَأعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إلاَّ الحَيَاة الدُّنْيَا) النجم: ٢٩، وقال في وصف الصادقين المؤمنين: (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْه) الأحزاب: ٢٣ وقال في نعت غيرهم: (يَا أيُّهَا الذَّين آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ) الصف: ٢، كبر مقتاً عند الله فشتان بين من وصف بصدق العهد وبين من ذكر بالخلف وعرض للمقت، وقال في وصف طائفة: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَليْهِمْ إبلِيس ظَنَّهُ فَاتَّبِعُوهُ إلاَّ فَريقاً مِنَ المُؤمِنِين) سبأ: ٢٠فخص أولياءه بترك أتباعه وأدخل بعض المؤمنين في تصديق ظنه واتباعه إلا فريقاً فهم الصديقون والشهداء ولاصالحون وحسن أولئك رفيقاً وهم المتوكلون المؤمنون حقاً الذين قال إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون وليس من باع ماله ونفسه محبة لمولاه كمن لم يسأله مولاه دون نفسه لئلا يحفيه فيخرج ضغنه عليه كما قال لطائفة من المؤمنين: (يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْألْكُمْ أمْوَالَكُم) محمد: ٣٦، إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم الأحفاء الاستقصاء أي سألكم سأل الجملة كلها وأحب منكم الزهد في نفوسكم بعدها؛ والأضغان جمع ضغن وهو الحقد تقول: فلستم في مكان سؤال إذ لا يكون البخيل زاهداً لأن أوّل الزهد الجود، فمن لم يجد لم يزهد ومن لم يزهد في الدنيا لم يحبه المولى لأنه محب لما يبغض ومريد لما لا يحب فلم يعامل مولاه بأخلاقه ولم يوافقه في مرضاته فباعده وحجبه عن مشاهدة أوصافه كما قال تعالى: (تُريدُونَ عَرَض الدُّنْيَا وَالله يُريدُ الآخِرَةَ) الأنفال: ٦٧، وكما قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المبلغ عن المآل إذا أردت أن يحبك الله فازهد في الدنيا ولا تقدر أن تصف حشو قلوب هذه

الطائفة من المؤمنين الذين وصفهم المؤمن أن لو سألهم أموالهم ظهرت عليهم أضغانهم لأنهم من الله في اغترار بما ألبسهم من الإظهار فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً إلا أن الله تعالى لا يسأل من يحبه إكراماً له ممن يعلم أنه يسارع إليه بجملة ما سأله لأنه كريم جواد لا يكبر عنده شيء إن سأل سأل الكلية وهو المال والنفس إلا أنه لا يسأل إلا من خلقه بخلق من أخلاقه فمتى لم يكن على العبد سواه شيء سأله محبوبه كل شيء ومتى عظم في قلبه العرض الفاني وهو ضغين لم يسأله شيء فإذا لم يبق للعبد في نفسه نفساً ولا من ماله ملكاً كان الجواد عوضاً له من ماله وكان الجبار عوضاً له من نفسه إلا أن الله سبحانه لم يذكر إياه في العوض من النفس وذكر الجنة في البدل عن المال لئلا يدخل تحت حكم وهو الحاكم وكيلا ينضم إلى عوض فيكون شفعاً وهو الفرد فأخفى نفسه وهو الدليل وذكر خلقه وهو إليه السبيل فهذا فهم أوليائه عنه. طائفة من المؤمنين الذين وصفهم المؤمن أن لو سألهم أموالهم ظهرت عليهم أضغانهم لأنهم من الله في اغترار بما ألبسهم من الإظهار فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً إلا أن الله تعالى لا يسأل من يحبه إكراماً له ممن يعلم أنه يسارع إليه بجملة ما سأله لأنه كريم جواد لا يكبر عنده شيء إن سأل سأل الكلية وهو المال والنفس إلا أنه لا يسأل إلا من خلقه بخلق من أخلاقه فمتى لم يكن على العبد سواه شيء سأله محبوبه كل شيء ومتى عظم في قلبه العرض الفاني وهو ضغين لم يسأله شيء فإذا لم يبق للعبد في نفسه نفساً ولا من ماله ملكاً كان الجواد عوضاً له من ماله وكان الجبار عوضاً له من نفسه إلا أن الله سبحانه لم يذكر إياه في العوض من النفس وذكر الجنة في البدل عن المال لئلا يدخل تحت حكم وهو الحاكم وكيلا ينضم إلى عوض فيكون شفعاً وهو الفرد فأخفى نفسه وهو الدليل وذكر خلقه وهو إليه السبيل فهذا فهم أوليائه عنه.

وهذه علامة المحبة الخالصة التي لاشرك فيها لسواه ولا دخل عليها من غيره إياه

<<  <  ج: ص:  >  >>