للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن سيرين رحمه الله تعالى: غبت غيبة فكتبت إلى أبي فابتدأت باسمه فكتبت إليّ يا بني إذا كتبت إليّ فابدأ بأسمك في الكتاب فإن ابتدأت بإسمي قبل اسمك لا قرأت لك كتاباً ولا رددت إليك جواباً، وكتب العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبدأ بنفسه وكتب من العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ويقال أوّل من أحدثه زياد فعابه العلماء عليه وعدّوه من إحداث بن أمية، وقد بقي سنة هذا في كتب الخلفاء والأمراء إلى اليوم على نحو ما مضى فهم يقدمون أسماءهم في كتبهم ومن الأحداث قول الرجل إذا جاء منزل أخيه يا غلام يا جارية فيه مخالفة لأمر الله عزّ وجلّ وأمر رسوله عليه السلام، قال الله عزّ وجلّ: (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيرَ بُيُوتِكُمْ حتّى تَسْتَأنِسُوا وتُسَلِّمُوا على أهْلِها) النور: ٢٧قال أهل التفسير: الاستئناس الدق أو التنحنح أو الحركة حتى يؤذن بذلك أن وراءها إنساناً وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا جاء أحدكم منزل أخيه فليسلم ثلاثاً فإن أذن له فليدخل وإلا فليرجع وكان السلف يقرع أحدهم باب أخيه ثم يسلم ثلاثاً يقف بعد كل تسليمة هنيهة فإن أذن له دخل وقد لا يحب صاحب المنزل أن تدخل عليه في ذلك الوقت لسبب عذر له فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله ارجع عافاك الله فإني على شغل فيرجع عنه غير كاره لرجوعه ولا يؤثر ذلك عليه في نفسه، وقد يكون قوله ارجع أحب إليه لأنه أفضل له رجاء الإجابة والتزكية لقوله تعالى: (وإِنْ قيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) النور: ٢٨، فربما رجع في اليوم مرتين أو ثلاثاً بعد رد صاحبه له وهو يعود لأن ذلك لم يؤثر في قلبه شيئاً وهذا لو فعل ببعض الناس من أهل عصرنا هذا لكرهه، ولعل أن لا يعود يومه ذلك فأمّا العلماء فقد كان بعض الناس لا يستأذن عليهم إلا لمهم لا بدّ منه بل كانوا يقعدون على أبوابهم وفي مساجدهم ينتظرون خروجهم لأوقات الصلاة إجلالاً للعلم وهيبة للعلماء.

وحدثونا عن أبي عبيد قال: ما قرعت على عالم قط بابه كنت أجيء إلى منزله فأقعد على بابه انتظر خروجه من قبل نفسه أتأوّل قول الله عزّ وجلّ: (وَلَوْ أنَّهُمْ صبَرُوا حتّى تََخْرُجَ إليْهِمْ لكانَ خيْراً لَهمْ) الحجرات: ٥، وقد روينا مثل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما في موضعه من العلم والشرف أن المار كان يمرّ به وهو قائم على باب منزل الرجل من الأنصار تسفي عليها الرياح فيقول: ما يجلسك ههنا يا ابن عم رسول الله؟ فيقول: انتظر خروج صاحب المنزل، فيخرج الرجل فيقول ابن عم رسول الله: لو أرسلت إليّ لجئتك فيقول: لا أنا كنت أحق أن آتيك، فيسأله عما يريد من حديث بلغه أنه يرويه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن هو سمعه منه، ومن ذلك استقصاء الرجل في المسألة عن حال أخيه وخبره، وقد كره ذلك، تزوّج سلمان الفارسي رضي الله عنه فلما دخل على أهله خرج إلى الناس من الغد فقال له رجل: كيف أنت يا أبا عبد الله قال بخير أحمد الله تعالى قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>