للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عيينة عن الشعبي: لأن أقيم بحمام أعين أحب إلي من أن أقيم بمكة، قال سفيان يعني إعظاماً لها وتوقيتاً عن الذنب فيها وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يضرب الحجاج إذا حجوا ويقول: يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل الشام شامكم ويا أهل العراق عراقكم، وكان ابن عباس يقول: أجور بيوت مكة حرام ولا تقوم الساعة حتى يستحل الناس اثنتين إتيان النساء في أدبارهن وأجور بيوت مكة، وكان الثوري وبشر وجماعة من الفقهاء وأهل الورع يكرهون أن يدفع الرجل كراء بيت مكة، حتى قال الثوري: إذا طالبوك ولم يكن لك بدّ من أن تعطيهم فخذ لهم من البيت قيمة ما أخذوا منك، وقال بعض السلف من رجل بأرض خراسان أقرب إلى هذا البيت ممن يطوف به ويقال إن لله عباداً تطوف هم الكعبة تقرّباً إلى الله عزّ وجلّ، وحدثني شيخ لنا عن أبي علي الكرماني شيخنا بمكة وكان من الأبدال إلا أني سمعت هذه الحكاية منه، قال: سمعته يقول: رأيت الكعبة ذات ليلة تطوف بشخص من المؤمنين، وقال لي هذا الشيخ: ربما نظرت إلى السماء واقعة على سطح الكعبة قد ماستها الكعبة ولزقت بها وأكثر الأبدال في أرض الهند والزنج وبلاد الكفرة، ويقال لا تغرب الشمس من يوم إلا يطوف بهذا البيت رجل من الأبدال، ولا يطلع الفجر من ليلة إلا طاف به واحد من الأوتاد وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض فيصبح الناس وقد رفعت الكعبة ولا يرون لها أثراً وهذا إذا أتى عليها سبع سنين لم يحجها أحد ثم يرفع القرآن من المصاحف فيصبح الناس فإذا الورق أبيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا تذكر منه كلمة ثم يرجع الناس إلى الأشعار والأغاني وأخبار الجاهلية ثم يخرج الدجال وينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله والساعة عند ذلك بمنزلة الحامل المقرب يتوقع ولادتها.

روينا عن وهيب بن الورد المكي قال كنت ذات ليلة أصلي في الحجر فسمعت كلاماً بين الكعبة والأستار يقول إلى الله تعالى أشكو ثم إليك يا جبريل ما ألقى من الطائفين حولي تفكههم في الحديث ولغوهم ولهوهم لئن لم ينتهوا من ذلك لأنتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني إلى الجبل الذي قطع منه، وفي الخبر لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن والمقام، وروي أن الحبشة يغزون الكعبة فيكون أولهم عند الحجر الأسود وآخرهم على ساحل البحر بجدة فينقضونها حجراً حجراً يناول بعضهم بعضاً حتى يرمونها في البحر وكذلك يذكر عن بعض الصحابة وقراء الكتب السالفة كأني أنظر حبشياً أصلع أجدع قائماً عليها يعني الكعبة هدمها بمعوله حجراً حجراً، وفي الخبر استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة ورفعه الذي ذكرناه يكون بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>