للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال إبراهيم النخعي: فلما سلم الحسن بن عليّ رضي الله تعالى عنهما الأمر إلى معاوية سمّيت سنّة الجماعة، وقال له رجل من الشيعة: يا مذلّ المؤمنين، فقال: بل أنا معز المؤمنين، سمعت أبي عليه السلام يقول: لا تكرهوا إمارة معاوية فإنه سيلي هذا الأمر بعدي، وإن فقدتموه رأيتم السيوف تبدر عن كواهلها كأنها الحنظل، فليعتقد بقلبه من رضي الصحابة بإمامته، وأجمعوا على خلافته واتفق الأئمة من أهل الشورى على تقدمته على حديث ابن عمر في التفضيل، قال: كنا نقول على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، فيبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكر وعلى حديث سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً، فهؤلاء الأربعة خلفاء النبوة؛ وهم أئمة الأئمة من العشرة، وعيون أهل الهجرة والنصرة، وخيار الخيار من الأصحاب، كما روينا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ الله عزّ وجلّ اختار أصحابي على العالمين، واختار من أصحابي أربعة فجعلهم خير أصحابي، وفي كل أصحابي خير، واختار أمتي على الأمم، واختار من أمتي أربعة قرن، فكل قرن سبعون سنة فإنّا نحن قوم متبعون نقفو الأثر غير مبتدعين بالرأي والمعقول نرد به الخبر، إذ لا مدخل للقياس والرأي في التفضيل، كما لا مدخل لهما في الصفات وأصول العبادات، وإنما يؤخذ التفضيل توقيفاً وتسليماً ومن طريق الاجماع والإتباع خشية الشذوذ والابتداع لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضُّوا عليها بالنواجذ، ومن شذ ففي النار، وقال تعالى في تصديق ذلك: (وَيَتَّبعْ غَيْرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) النساء: ١١٥، وإنما جاء الترتيب في التفضيل والخلافة مخالفاً للقياس، والمعقول توكيداً للنبوة وتأكيداً للرسالة، لئلا تلتبس النبوة بالملك ولا ينحو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخلافة نحو الأكاسرة والأقاصرة في المملكة كما، كانت النبوة مخالفة للملك جاءت الخلافة على غير سيرة الملوك من استخلاف أبنائهم وأهل بيتهم، ولو كان للمعقول والقياس مدخل في التفضيل لكان أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسن ابنه، لأنّ فيه النبوّة والعبّاس عمّه إذ فيه الأبوّة، وقد أجمعوا على خلاف ذلك وبمعنى هذا من إخراج الخلق من المألوف ورفع

<<  <  ج: ص:  >  >>