للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أفلح قوم تملكهم امرأة، وقال الله تعالى مخبرًا بعداوة بعض الأزواج والأولاد: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ) التغابن: ٤١، يعني في الآخرة لانحطاطكم في أهوائهم وميلكم إلى وهن آرائهن، فصاروا عدوّاً غداً، كيف وقد تكون المرأة والولد أعدى عدو للرجل اليوم بل يوم القيامة إذا خالفهم في أهوائهم وعمل بالعلم في أحوالهم وقد كان إبراهيم بن أدهم يقول: من تعوّد أفخاذ النساء لم يفلح، وكان بشر رحمه الله يقول: لوكان لي عيال لخشيت أنْ أكون جلاّداً على الجسر، فالوحدة أروح للقلب وأقلّ للهمّ لخفة المؤونة وقلة المطالبة وأمن المنازعة وسقوط حكم من أحكام الشرع عنه، وقد كان السلف يعملون في إسقاط الحكم عنهم للعجز عن القيام بها، ويغتنمون ذلك، وفي التخلي قلّة الاهتمام بالأدخار والجمع، وترك المراعاة، والتحفظ للمبيت في البيت، وسقوط المسألة والاستخبار، وترك التجسس للآثار التي نهى الله ورسوله عنها إذ لا يأمن ذلك مع الزوجة السوء، وإنما زهد الزاهدون في الدنيا لراحة القلب واطّراح الهمّ وسقوط المطالبة، وقد أبيحت العزبة وفضل التعزب لهذه الأمة في آخر الزمان، بعد المائتين أبيحت العزبة لأمتي، ولأن يربي أحدكم جرو كلب خير من أن يربي ولدًا، والخبر المشهور: خير الناس بعد المائتين الخفيف الحاد الذي لا أهل له ولا ولد، وفي خبر آخر: يأتي على الناس زمان يكون هلاك الرجل على يدي زوجته وأبويه وولده، يعيّرونه بالفقر ويحمّلونه ما لا يطيق، فيدخل المداخل التي يذهب فيها دينه فيهلك وربما كانت المرأة عقوبة للعبد.

وقد حدثونا في أخبار الأنبياء عليهم السلام أنّ قوماً دخلوا على يونس عليه السلام فأضافهم، وكان يدخل ويخرج إلى منزله فتؤذيه امرأته وتستطيل عليه وهو ساكت، فعجبوا من ذلك، وهابوه أنْ يسألوه فقال: لا تعجبوا من هذا، فإني سألت الله عزّ وجلّ فقلت: يا ربّ ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال: إنّ عقوبتك ابنة فلان فتزوّج بها، فتزوّجت بها وأنا صابر على ما ترون منها، وهذا كله لمن لم يخشَ العنت، فأما من خاف العنت وهو الزنا، وأصل العنت في اللغة هو الكسر بعد جبر، يقال للدابة إذا كسرت بعد ما جبرت قد عنتت، فكأنه كان مجبوراً بالعصمة وبالتوبة ثم كسر بالزلل أو العادة السوداء فنكاح الأمة حينئذ خير له من العنت، والصبر عن نكاح الأمة خير من نكاحها، وهذا معنى قوله عزّ وجلّ في نكاح الأمة: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِي َ العَنَتَ مِنْكُمْ) النساء: ٢٥، وكذلك إنْ كثرت الخواطر الردية والوساوس الدنية في قلبه بذكر النكاح فشغله ذلك عن فرضه أو شتت ذلك همه، فإن نكاح الأمة أيضاً خير له على أنّ نكاح الأمة محرم على من وجد طولاً بحرة، انصرف الناس ذات يوم من مجلس ابن عباس وبقي شاب لم

<<  <  ج: ص:  >  >>