للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هو الآخر، فتقول زيد الأسد عادياً، والسيفُ مسلولاً، فأما ما فلها مواقعُ معروفة وليس للتشبيه في أبوابه مدخل. وهذا مما سُئِل أبو الطيب عنه فذكر أنّ ما تأتي لتحقيقِ التشبيه؛ تقول: عبد الله الأسد وما عبد الله إلا الأسد وإلا كالأسد، تنفي أن يشبَّه بغيره، وقال:

وما هندُ إلا مُهرة عربية ... سَليلةُ أفراس تجلَّلها بغْل

وقد تجيء مع الكاف قال لبيد:

وما المرءُ إلا كالشِهاب وضوئِه ... يحور رماداً بعد إذْ هو ساطِعُ

فكأن قائلاً قال: ما هو إلا كذا، وآخُ قال: كأنه كذا، فقال: أمط عنك تشبيهي بما وكأنه. وأقول: إن التشبيه بما محال وإنما يقع التشبيه في هذه المواضع التي ذكرها بحرْفه، فإذا قال: ما المرء إلا كالشهاب فإنما المفيد للتشبيه الكاف ودخلت ما للنفي فنفَت أن يكون المرء إلا كالشهاب، فهي لم تتعد موضعها من النفي، لكنها نفَت الاشتباه سوى المستثنى منها، وإذا قال: ما هند إلا مهرة فإن ما دخلت على المبتدأ والخبر، وكأن الأصل هند مهرة، وهو في تحقيق المعنى عائد الى تقريب الشّبَه، وإن كان اللفظ مُبانياً، ثم نفى أن يكون كذلك فأدخل حرفي النفي والاستثناء، فليس بمُنكَر أن يُنسَب التشبيهُ الى ما إذا كان له هذا الأثر، وباب الشعر أوسع من أن يضيق عن مثله.

وأنكروا قوله:

إذا كان بعض الناس سيفاً لدولةٍ ... ففي الناس بوقاتٌ لها وطبول

فقالوا: إنّ جمع بوق على بوقات خطأ، وإنما يجمع باب فُعْل على أفعال في أدنى العدد، مثاله: قُفْل وأقفال. وعود وأعْواد، وقد يخرج عنه الى أفعل؛ مثل بُرْد وأبرد،

<<  <   >  >>