للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذلك في الشهور، فجمعوا رمضان وشوال رمضانات وشوّالات؛ كل هذا تقديماً للتأنيث في باب الجمع، وميلاً به عن التذكير، ولكلّ اسم من هذه الأسماء قياسٌ مطّرد وبابٌ متّسق، عدلوا به عنه وهو معرض. وتركوه وهو سهلٌ ممكن. فلهذا وأشباهِه اختار أبو الطيب بوقات على أبْواق، والوزن يتم بهما، والضرورة لا تدفع أحدهما.

قال الخصْم: هذه اللفظة وإن كانت قليلة عن العرب فقد تكلّمت بها، وعرفت قديماً في لغتها: وأنشدوا:

رحى طحّانةٍ صاح بوقُها

وقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استشار أصحابه في أمر ينصِبه علَماً للصلاة؛ يجمع الناس عليها؛ قال بعضهم: ناقوسٌ كناقوس النصارى، وقال آخرون: بوق كبوق اليهود، ولسنا نبعد أن تكون الكلمةُ عربية صحيحة، وأن تكون اللغتان اتفقتا فيها، فإنا نجد لها اشتقاقاً وأصلاً في العربية مشهوراً، وهو قولهم: أصابتنا بوقة من المطر؛ أي دَفعة. قال رؤبة:

من باكِر الوسْمِيّ نضّاحِ البُوَقْ

ويقولون للشيء إذا انفجر دَفعة: انْباق، وهذا البوق المصوِّت يندفع فيه الصوت فكأنّه ينفجرُ منه، وينفلِت انفلاتَ البوقَة من المطر، فإن كانت عربية فبابُ جمعِها معروف، وإن كانت أعجمية فالعرب إذا عرّبت أعجمياً ألحقتهُ بكلامها، وأجرَته على أبنيتها؛ ألا تراهم قالوا: مُهرَق ومهارِق، وبَلاس وبُلُس، وبُستان وبساتين، ويلمَق ويَلامق، ورَزْدَق ورزادِق، وأمثال ذلك كثير موجود؛ وإنما يعدلون

<<  <   >  >>