للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبيد بن شربة ثم ملك الهدهاد بن شراحيل بن عمرو بن وذي أنس. وقال أبو المنذر: بل هو ذو يشرح بن شراحيل بن عمرو بن الحارث الرايش بن شدد بن قَيْس بن صيفي ابن سبأ بن حمير. وقال قال غيره: هو ذو يَشْرَح بن شراحيل بن عمر بن الحارث الرايش بن شدد بن قَيْس بن صيفي ابن سبأ بن حمير. وقال غيره: هو ذو يَشْرَح بن شراحيل بن عمرو بن الحارث الرايش بن شدد بن المِلْطَاط بن عمرو بن ذي أنس. فملك سنة ثم مات، وكان تزوّج امرأة من الجن يقال لها رواحة بنت السكين، فولدت له بلقيس واسمها يلمقه واليلمق القباء المحشو. ويقال إنه فارسي معرب وكانت بلقيس من أعقل امرأة يسمع بها في ذلك الزمان، وأفضلها رأيا، وحلما وعلما وتدبيرا، وكانت ذات المشورة على أبيها، حتى عرف جميع حِمْيَر ذلك منها. فلما حضرته الوفاة بعث إلى رؤساء حمير ومقاولها وقاداتها فذكر لهم أنه قد استخلف عليهم بلقيس. فقال له رجل منهم: أبيت اللعن، أتدع رجال أهل بيتك وتستخلف علينا امرأة وإن كانت بالمكان الذي هي منا ومنك؟! قال: يا معشر حِمْيَر إني قد رأيت الرجال وعَجَبْت أهل الفضل، وشهدت ملوكنا الماضين أو الذي أدركت منهم، فلا والذي يُحْلَف به ما رأيت مثلَ بلقيس قطَ رأيا وعلما وحلما مع أن أمها من الجن، فأرجو أن يظهر لكم بها من غلبة الجن وأمورها ما تنتفعون به وأعقابكم ما قامت لكم الدنيا، فاقبلوا رأي فيها. وإني كنت سميت الملك لابن خالي هذا الغلام وله عقل فإذا بلغ وَلَي الأمرَ إما في حياتها وإما بعد وفاتها. فقالوا: من هو؟ فقال ناشر بن عمرو ابن يَعْفُر بن شراحيل بن عمرو بن ذي أنس قالوا: سَمِعْنا وأطعنا وأنت أيها الملك انظر لنا.

[ملك بلقيس ابنة الهدهاد ذو يشرح]

قال عبيد العبيد بن شربة: فملكت بلقيس حمير. قال معاوية: فهل كانت تريد الرجال؟ ما تزوّجت قط ولا صارت إلى سليمان إلا جارية. قال فمن كان حرسها؟ قال: الرجال وخدمها النساء بنات أشراف حمير ثلاثمائة وستون جارية. قال: فكم مَلَكَت حتى جاءها سليمان؟ قال سبع سنين.

حدثنا محمد بن مسلم البارقي، عن إسحاق بن حذيفة، عن عباس عن ابن إلياس عن وهب بن منبه: أن بلقيس أمرت أن يصنعوا لها منزلا فاخِراً لم يصنعوا مثله لمن كان قبله، ووصفت لهم عملهم، فعمدوا إلى كل مشرف من صفا صلد فأنشئوا على ظهره خمسمائة أسطوانة من رخام، نقر لهن، طول كل أسطوانة ثلاثون ذراعا، وبين كل أسطوانتين خمسة أذرع، ثم حملوا على تلك الأساطين كلها سطحا واحدا من ألواح الرخاك، وضموا بعضها إلى بعض، ثم بنوا فوق ذلك السطح بيوتا من رخام، وقِبَايا من ذهب وفضة، مبّوبة بأبواب مفضضة بالجوهر الملون، ثم أحاطوا على ذلك الحائط بسطح باطنه من رخام وظاهره من نحاس، وله أربع زوايا، على كل زاوية قُبّة من ذهب، وعلى قبتها ياقوته حمراء تلتهب، وإذا طلعت الشمس سطح ضوء الياقوتة على القبة فلم تملأ العين منها، ثم جعل للقصر حين فرغ منه أربع مراق عن يمين وشمال وشرقي وغربي، وفي كل مرقاة مائة درجة في أعلاها باب مفضض، وفي أسفلها باب من نحاس. ثم جوف ذلك التل من الصفا. فكانت طرقا إلى الخزائن، ثم بُنِيّ تحتَ كلّ أسطوانتين مجلس من رخام للحرس والقواد، ولما فُرغ من عرشها أمرت ببناء المدينة والحيان والأرباع، فبنى ذلك كله حول قصرها، حتى صار وسط ذلك، وأشرف عَرْشُها على ما حوله حتى يُرَى مسيرُ يوم، وكان تحت يديها اثنا عشر ألف قَيْل، تحت كل قيل اثنا عشر ألف مقاتل، وتحت يديها مائة ملك. وقد أمرت كل ملك على كُوَر معلومة، واشترطت عليه أربعة آلاف مقاتل متى احتاجت إليهم. فلما أراد الله إكرامها بالإسلام كان من حديثها ما قص الله في القرآن.

قال حدثنا يعلي بن عبيد، عن الأعمش، عن مجاهد قال: تحت يَدَيْ صاحبة سبأ اثنا عشر ألف قيل، مع كل قيل مائة ألف مقاتل وعن وهب بن منبّه في قول الله تعالى) وَأُوِتيتَ مِن كُلَّ شَيء (يعني أصناف الأموال) وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيّمٌ (قال كان عرشها مقدمه من ذهب مفضض بالياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، ومؤخره من فضة مكلّلَة بألوان الجواهر، وله أربع قوائم، قائمة من ياقوت أحمر، وقائمة من زبرجد أخضر، وقائمة من زُمُرد، وقائمة من در، وصفائح ومن غيره. وقال أسعد تُبّع في عرش بلقيس:

<<  <   >  >>