للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولغة الكتاب قريبة من العامية، وكلامه موجز جداً، خصوصاً في القبائل العراقية، إلا أنه لا يخلو من فائدة، وفيه وصف لطيف لبعض العشائر ... وكان مؤلفه كتبه بناء على رغبة المقيم البريطاني المستر ريج واقتراحه، فاهداه له، وفيه بيان واف عن طلب المقيم المومى إليه ومنه نسخة في المتحفة البريطانية. وهذا كانت سياسة حكومته الاطلاع على خبايا هذا المحيط ومعرفة أحواله، فلم يقف عند العشائر وإنما كتب عن العراق الشيء الكثير، وأوعز إلى آخر أن يتجول في كافة الأرجاء العراقية، ويدوّن مشاهداته، فقام بهذه الخدمة فكتب رحلة فارسية مختصرة طبق المراد. وهذا الكاتب اسمه عبد الله المنشي البغدادي، وقد عربت هذه الرحلة الى العربية، وعندي النسخة الأصلية الفارسية أيضاً.

[١٧ - كتب أخرى]

وعدا ما ذكر مراجع (تاريخ العراق) لعهد المغول وما يليه من العصور الى احتلال بغداد فإنها جامعة لمطالب مهمة عن العشائر. وهنا تلخيص واجمال لتلك المباحث من جهة وسعة من اخرى ... وهناك مراجع أخرى ذكرت في بطون الكتب والأوراق بصورة مشتتة لا نرى عائدة في بيانها الآن وسوف نعين النقل عنها في محله ونصرّح به في وقته فنسب كل قول لقائله ...

أما كتب الأدب والتواريخ العامة السابقة لعهد المغول فإنها كثيرة جداً ولا طريق لاستقصاء مباحثها هنا وإنما يأتي النقل عنها في حينه. وكذا الكتب العصرية..

[العرب وقبائلهم]

- ١ -

[أصل العرب]

الفكرة السائدة في العصور الماضية ان العرب من الأقوام السامية كغيرهم من الأراميين والعبرانيين. والمشهور أن اصلهم الأصيل من العراق فكانت لغتهم السريانية وبها كانوا يتفاهمون ثم تبلبلت الألسن وتغيرت الألفاظ وماج الناس بعضهم في بعض فنطقت كل طائفة منهم بلغة وخرجوا من أرض العراق وانتشروا في الأطراف ومنهم العرب. ولم يبق في العراق سوى ولد أرفخشد ... ومن هؤلاء تكوّن الكلدانيون والآثوريون وسائر النبط ... ومن ثم توزعت الأرضون بين أولاد نوح (ع) وذريته وسائر من ركب الفلك معه فصارت كل بقعة لواحد.

وهذه الفكرة وصلت من العراق وعلى يد علماءه وهم السريان وغيرهم ومنهم انتقلت الى علماء العرب وأساسها كتبهم الدينية ممزوجة بمعلوماتهم وآراء رجالهم.. وقد عارضتها آراء أخرى. والمعوّل عليه تاريخياً وواقعياً بالنظر للمجاري التاريخية والهجرات ان العرب أصل الساميين والهجرة كانت من أرض العرب الى العراق وسورية ومصر في بعض الأحيان سواء في أقدم العصور وأقصى التواريخ أو في الأيام الإسلامية ... والعصور المتأخرة ...

وهذا مما ثبت اللغة بأشكالها السامية المعروفة من كلدانية وآثورية وعبرية فأدى إلى أن يعرف كل فريق بلغته ... فالعربية نالت تطوراتها ولم تثبت بشكلها المعروف بان اندثرت منها لغات وتولدت ألفاظ جديدة ... ولم تستقر في اللغة الفصحى إلا بظهور الإسلامية فسجلت هذا الوضع بسبب القرآن الكريم ... وأما العامية المشتقة منها واللغات الأخرى أو اللهجات المعاصرة لها في سائر الأنحاء فقد عرض لها بعض التبدل مما أبعدها عن الفصحى، أو حافظت على وضعها الأصلي وأثرت تأثيرها من جراء الاختلاط مع أهل الفصحى بالرغم من المباينة أو المخالفة في حينها التي أوجدت المتضادات، والمشتركان، أو المترادفات ... فاللغات الشائعة آنئذ قد نالت شيوعاً في الأنحاء فاكتسبت اللغة العامية أو الشائعة أوضاعها المشاهدة في هذه الأيام ... والظواهر أمثال ذلك من أكبر الأدلة على التحولات التاريخية ...

أما القول بان أصل العرب من الحبشة فهذا مما لا يعوّل عليه ولم تؤيده البراهين الصحيحة وإنما منشأه الهجرة الى مصر وتلك الأطراف ثم الاندماج في الأهلين وتغلب اللغة العربية بتبديل ... فحصلوا على شكل مختلط في لغتهم دعا القائلين الى الاقتناع بهذا الرأي فقيل ان الحبشة أصل العربية وان اصل العرب من هؤلاء. فالخطأ جاء من هذه المشابهة أو المقاربة ... مما لا يحقق أصل العنصرية واشتقاقها، فالتمسك باللغة لاثبات العنصرية يؤدي الى أغلاط كبرى مثل هذه ... والتشكلات البدنية وأوصاف العرب الأساسية تنافي هذه الدعوة ...

<<  <   >  >>