للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أُصُولُ الْمَكَاسِبِ: الزِّرَاعَةُ، وَالتِّجَارَةُ، وَالصَّنْعَةُ. وَأَيُّهَا أَطْيَبُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبٍ لِلنَّاسِ، أَشْبَهُهَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ التِّجَارَةَ أَطْيَبُ. قَالَ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي: أَنَّ الزِّرَاعَةَ أَطْيَبُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى التَّوَكُّلِ.

قُلْتُ: فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنْ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . فَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ الزِّرَاعَةِ، وَالصَّنْعَةِ، لِكَوْنِهِمَا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، لَكِنَّ الزِّرَاعَةَ أَفْضَلُهُمَا؛ لِعُمُومِ النَّفْعِ بِهَا لِلْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

كُلُّ مَا ضَرَّ كَالزُّجَاجِ وَالْحَجَرِ وَالسُّمِّ يَحْرُمُ. وَكُلُّ طَاهِرٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ، يَحِلُّ أَكْلُهُ، إِلَّا الْمُسْتَقْذَرَاتِ الطَّاهِرَةَ كَالْمَنِيِّ وَالْمُخَاطِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا الْحَيَوَانَ الَّذِي تَبْتَلِعُهُ حَيًّا، سِوَى السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، فَإِنْهُ يَحْرُمُ قَطْعًا، وَكَذَا ابْتِلَاعُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عَلَى وَجْهٍ كَمَا سَبَقَ. وَفِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ. وَيَجُوزُ شُرْبُ دَوَاءٍ فِيهِ قَلِيلُ سُمٍّ، إِذَا كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ السَّلَامَةَ، وَاحْتِيجَ إِلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ تَصَوَّرَ شَخْصٌ لَا يَضُرُّهُ أَكْلُ السُّمُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>