للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَأَمَّا الصِّفَةُ: فَفِيهَا مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ وَالْحَاضِرَةِ الَّتِي لَمْ تُرَ، قَوْلَانِ. قَالَ فِي الْقَدِيمِ وَ «الْإِمْلَاءِ» : وَالصَّرْفُ مِنَ الْجَدِيدِ يَصِحُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَقَالَ بِتَصْحِيحِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَأَفْتَوْا بِهِ، مِنْهُمُ، الْبَغَوِيُّ، والرُّويَانِيُّ. وَقَالَ فِي «الْأُمِّ» وَ «الْبُوَيْطِيُّ» : لَا يَصِحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ. وَفِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ، ثَلَاثُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: أَنَّهُمَا فِيمَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِلَا فَرْقٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا فِيمَا شَاهَدَهُ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْهُ الْبَائِعُ، فَبَاطِلٌ قَطْعًا. وَالثَّالِثُ: إِنْ رَآهُ الْمُشْتَرِي، صَحَّ قَطْعًا، وَإِلَّا، فَالْقَوْلَانِ.

الثَّانِيَةُ: الْقَوْلَانِ فِي شِرَاءِ الْغَائِبِ وَبَيْعِهِ يَجْرِيَانِ فِي إِجَارَتِهِ، وَفِيمَا إِذَا أَجَّرَ بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ، أَوْ صَالَحَ عَلَيْهَا، أَوْ جَعَلَهَا رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَسَلَّمَهَا فِي الْمَجْلِسِ. أَمَّا إِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا غَائِبَةً، أَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهَا، أَوْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى عَيْنٍ غَائِبَةٍ، فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ، وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ قَطْعًا. وَفِي صِحَّةِ الْمُسَمَّى، الْقَوْلَانِ. فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الرَّجُلِ فِي النِّكَاحِ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْخُلْعِ، وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ. وَيَجْرِيَانِ فِي رَهْنِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ، وَهُمَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِعَدَمِ الْغَرَرِ. وَلِهَذَا، إِذَا صَحَّحْنَاهُمَا، فَلَا خِيَارَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ.

الثَّالِثَةُ: إِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْغَائِبِ وَشِرَاؤُهُ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ أَيْضًا، إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى رُؤْيَتِهِ، فَيَكُونُ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ، وَيُقَامُ وَصْفُ غَيْرِهِ لَهُ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ، لَمْ يَصِحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>