للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ، ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ، فَلَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعُدِ الْعَبْدُ إِلَيْهِ. وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَسَأَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُنَاكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

إِذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِجِنَايَةٍ أَوْ آفَةٍ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ قَهْرًا، لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالْبَائِعِ، وَلَا يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ

[بَلْ يُعْلِمُ الْبَائِعَ بِهِ] فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَعِيبًا، قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَرُدَّهُ، وَإِمَّا أَنْ تَقْنَعَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَكَ. وَإِنْ لَمْ يَرْضَ [بِهِ] ، فَلَا بُدَّ [مِنْ] أَنْ يَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إِلَى الْمَبِيعِ لِيَرُدَّهُ، أَوْ يَغْرُمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِيُمْسِكَهُ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْلَكَيْنِ، فَذَاكَ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فَدَعَا أَحَدُهُمَا إِلَى الرَّدِّ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَدَعَا الْآخَرُ إِلَى الْإِمْسَاكِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ

أَحَدُهَا: الْمُتَّبَعُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: رَأْيُ الْبَائِعِ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَصَحُّهَا: الْمُتَّبَعُ رَأْيُ مَنْ يَدْعُو إِلَى الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعَ أَوِ الْمُشْتَرِيَ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِعْلَامِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ، يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ حَقُّهُ مِنَ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا، كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى، فَلَا يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، بَلْ لَهُ انْتِظَارُ زَوَالِهِ لِيَرُدَّهُ سَلِيمًا عَنِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. وَمَهْمَا زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، أَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: لَا وَلَوْ تَرَاضَيَا، وَلَا قَضَاءَ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>