للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ. وَإِنْ كَانَ آجَرَهُ لِلْبَائِعِ، فَلَهُ أَخْذُهُ قَطْعًا.

وَفِي انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ لِمُسْتَأْجِرِهَا. إِنْ قُلْنَا: لَا تَنْفَسِخُ، فَعَلَى الْبَائِعِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِلْمُشْتَرِي، وَعَلَى الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ لِلْبَائِعِ. وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ السَّبَبُ الْحَائِلُ، وَأَمْكَنَ الرَّدُّ، فَهَلْ يَرُدُّ الْعَيْنَ وَيَسْتَرِدُّ الْقِيمَةَ؟ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْحَائِلِ مِلْكٌ لِمَنْ؟ أَمَّا الْآبِقُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ، كَمَا لَا يُبَاعُ، وَإِنَّمَا هُوَ وَارِدٌ عَلَى الْقِيمَةِ.

وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ فِي إِبَاقِهِ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَالْفَسْخُ وَارِدٌ عَلَيْهِ.

وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ. وَأَمَّا الْمَرْهُونُ وَالْمُكَاتَبُ، فَفِيهِمَا طَرِيقَانِ

أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْوَجْهَيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِبَقَاءِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.

كَمَا إِذَا أَفْلَسَ وَالْمَبِيعُ آبِقٌ، يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مَرْهُونًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ، فَإِنْ مَنَعْنَا بَيْعَهُ، فَهَلْ هُوَ كَالْمَرْهُونِ، أَمْ كَالْآبِقِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ. فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، فَالْفَسْخُ وَارِدٌ عَلَى الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ تَلَفَ، فَلَا رَدَّ وَلَا اسْتِرْدَادَ. وَإِنْ قُلْنَا بِانْقِلَابِهِ إِلَى الْبَائِعِ، ثَبَتَ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ عِنْدَ زَوَالِ الْحَيْلُولَةِ.

فَصْلٌ

لَوِ اخْتَلَفَا، ثُمَّ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ أَوْ قَبْلَهُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، لَمْ يَعْتِقْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَادِقٌ بِزَعْمِهِ، فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ إِلَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ أَوْ بِغَيْرِهِ، عَتَقَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَاذِبٌ بِزَعْمِهِ، فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ. وَلَا يَعْتِقُ فِي الْبَاطِنِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ كَاذِبًا، وَيَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ صَادِقًا. وَوَلَاءُ هَذَا الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ لَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي. وَلَوْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ، حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ الْفَسْخُ إِنْ تَفَاسَخَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>