للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا عَكْسُهُ إِلَّا أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ جَائِزٌ. وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ. وَوَجْهٌ عَنِ الْقَفَّالِ: أَنَّهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا.

قُلْتُ: كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ مَا صَحَّ ضَمَانُهُ، صَحَّ الرَّهْنُ بِهِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعُهْدَةِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا، أَنَّ ضَمَانَ رَدِّ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ، صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ بِهَا، بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِمَّنِ اسْتَثْنَاهَا الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ بِالدَّيْنِ الْوَاحِدِ رَهْنًا بَعْدَ رَهْنٍ، ثُمَّ هُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا. وَلَوْ كَانَ الشَّيْءُ مَرْهُونًا بِعَشَرَةٍ، وَأُقْرَضَهُ عَشْرَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا بِهَا أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْجَدِيدِ الْأَظْهَرِ. فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْسَخَ الْمُرْتَهَنُ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَرْهَنُهُ بِالْجَمِيعِ. وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ، فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا، بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحَ الرَّهْنُ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِبْقَاءَهُ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَلَوِ اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ رَهَنَهُ أَوَّلًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ، وَقُلْنَا: لَا يَجُوزُ، وَنَازَعَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الرَّاهِنِ، يُقَوِّي جَانِبَهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ فِي جَوَابِهِ: فَسَخْنَا الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، وَاسْتَأْنَفْنَا بِالْعِشْرِينَ رَهْنًا، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ، رَهَنَ بِعِشْرِينَ أَمْ قَوْلُ الرَّاهِنِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ؟ وَجْهَانِ، مَيْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ إِلَى أَوَّلِهِمَا، وَصَحَّحَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ الثَّانِي، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِأَلْفٍ، ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفَيْنِ، مَا لَمْ يُصَرِّحَا بِأَنَّ الثَّانِي كَانَ بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>