للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَفِي كَوْنِهِ فَسْخًا لِذَلِكَ الْبَيْعِ، ثُمَّ فِي صِحَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ بَاعَ ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ، هَلْ يَتَمَكَّنُ مِنَ الْبَيْعِ مَرَّةً أُخْرَى، فِيهِ خِلَافٌ. وَالْأَمْرُ بِالْبَيْعِ مِنَ الرَّاغِبِ هُنَا، تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ. أَوْ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ صُرِّحَ لَهُ فِي الْإِذْنِ بِذَلِكَ. وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، تَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْوَكَالَاتِ.

قُلْتُ: قَوْلُهُ فَزَادَ رَاغِبٌ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فِيهِ نَقْصٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، لِيَعُمَّ خِيَارَيِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ، فَإِنَّ حُكْمَهُمَا فِي هَذَا سَوَاءٌ. صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرُهُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ زَادَ الرَّاغِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، لَزِمَ الْبَيْعُ، وَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْعَدْلِ أَنْ يَسْتَقِيلَ الْمُشْتَرِي لِيَبِيعَهُ بِالزِّيَادَةِ لِلرَّاغِبِ، أَوْ لِهَذَا الْمُشْتَرِي إِنْ شَاءَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

مُؤْنَةُ الرَّهْنِ الَّتِي يَبْقَى بِهَا، كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ وَكُسْوَتِهِ، وَعَلَفِ الدَّابَّةِ عَلَى الرَّاهِنِ. وَفِي مَعْنَاهَا، سَقْيُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ، وَمُؤْنَةُ الْجِدَادِ، وَتَجْفِيفُ الثِّمَارِ، وَأُجْرَةُ الِاصْطَبْلِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ الْمَتَاعُ الْمَرْهُونُ إِذَا لَمْ يَتَبَرَّعُ بِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَأُجْرَةُ مَنْ يَرُدُّ الْآبِقَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَحَكَى الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَجْهَيْنِ، فِي أَنَّ هَذِهِ الْمُؤَنَ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا الرَّاهِنُ حَتَّى يَقُومَ بِهَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، أَصَحُّهُمَا: الْإِجْبَارُ، حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ. وَالثَّانِي: عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ: لَا يُجْبَرُ، بَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي جُزْءًا مِنْهُ فِيهَا بِحَسْبِ الْحَاجَةِ. وَفَرَّعَ الْإِمَامُ عَلَى هَذَا، أَنَّ النَّفَقَةَ لَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الرَّهْنَ قَبْلَ الْأَجَلِ، أُلْحِقَ فِي ذَلِكَ بِمَا يَفْسَدُ قَبْلَ الْأَجَلِ، فَيُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَكَذَا أَصْلُهُ الْمُفَرَّعُ عَلَيْهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ شَيْءٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنَ الْمَرْهُونِ وَاكْتَرَى بِهِ بَيْتًا يُحْفَظُ فِيهِ الرَّهْنُ، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>