للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَادَّعَى وَارِثُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ، ثَبَتَ الْحَقُّ وَجُعِلَ فِي تَرِكَتِهِ. فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْغُرَمَاءِ عَلَى الْجَدِيدِ. وَلَوِ ادَّعَى الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ دَيْنًا وَالتَّصْوِيرُ كَمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَحْلِفِ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ طَرْدَ الْخِلَافِ فِي ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى مِنَ الْغُرَمَاءِ. وَعَنِ الْأَكْثَرِينَ، الْقَطْعُ بِمَنْعِ الدَّعْوَى ابْتِدَاءً، وَتَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِالْيَمِينِ بَعْدَ دَعْوَى الْوَارِثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْمُفْلِسِ فِي الثَّانِيَةِ.

قُلْتُ: وَطَرَدَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ الْقَوْلَيْنِ فِي الدَّعْوَى مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ إِذَا تَرَكَهَا وَارِثُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ: وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِنَا: يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ، أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ فَقَطْ، اسْتَحَقَّ الْحَالِفُونَ بِالْقِسْطِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ. قَالَ: وَلَوْ حَلَفُوا ثُمَّ أَبْرَئُوا مِنْ دُيُونِهِمْ، فَهَلْ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَهُمْ وَيَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ؟ أَمْ يَكُونُ لِلْمُفْلِسِ؟ أَمْ يَسْقُطُ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُسْتَوْفَى أَصْلًا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهَا: كَوْنَهُ لِلْمُفْلِسِ. وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا الْمَذْكُورُ عَنِ ابْنِ كَجٍّ فِي حَلِفِ بَعْضِهِمْ، قَالَهُ آخَرُونَ، مِنْهُمْ صَاحِبُ «الْحَاوِي» . وَلَوِ ادَّعَى الْمُفْلِسُ عَلَى رَجُلٍ مَالًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ، وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ الْمُفْلِسُ، فَفِي حَلِفَ الْغُرَمَاءِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مَعَ الشَّاهِدِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» . وَلَا يَحْلِفُ الْغَرِيمُ إِلَّا عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>