للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الضَّمَانِ

هُوَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِ بَابَانِ.

الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ.

الْأَوَّلُ: الْمَضْمُونُ عَنْهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ بِالْإِتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ جَائِزٌ، فَضَمَانُهُ أَوْلَى، وَكَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ خَلَّفَ وَفَاءً أَمْ لَا، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ.

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ حُرًّا، أَمْ عَبْدًا، أَمْ مُعْسِرًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمَضْمُونُ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى هَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، فَإِنْ شَرَطْنَاهُ، لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ لَفْظًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ شَرَطْنَاهُ، فَلْيَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّمَانِ مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ. وَإِنْ لَمْ نَشْتَرِطْهُ، جَازَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الرِّضَى عَلَى الضَّمَانِ. فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، فَهُوَ إِجَارَةٌ إِنْ جَوَّزْنَا وَقْفَ الْعُقُودِ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ، فَقَالَ: إِذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ، نُظِرَ إِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَالْمَضْمُونُ لَهُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ طَالَبَ الضَّامِنَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ. وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ، فَحَيْثُ قُلْنَا: يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، يُجْبَرُ الْمَضْمُونُ لَهُ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ فِي حُكْمِ مِلْكِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَرْجِعُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي وَلَمْ يَشْتَرِطِ الرُّجُوعَ، وَقُلْنَا: لَا يَرْجِعُ. وَهَلْ لِمُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْقَبُولِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُؤَدَّى يَقَعُ فِدَاءً، أَمْ مَوْهُوبًا لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، فَحَصَلَ فِي مَعْرِفَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>