للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ شَاءَ أَخَذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ. وَعَلَى الْأَصَحِّ: إِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الشِّقْصِ أَوْ تَرَكَهُ. فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: خُذِ الْكُلَّ، أَوِ اتْرُكِ الْكُلَّ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَنَا حَقِّي، لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ، وَلَمْ يَصِحَّ إِسْقَاطُ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنَ الشُّفْعَةِ، لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَقَرَّ عَلَى النِّصْفِ بِالشِّرَاءِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلشِّقْصِ شَفِيعَانِ: حَاضِرٌ، وَغَائِبٌ، فَأَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ، فَحَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ، وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقُولَ: اتْرُكِ الْجَمِيعَ أَوْ خُذِ الْجَمِيعَ فَقَدْ تَرَكْتُ حَقِّي، وَلَا نَظَرَ إِلَى تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَزِمَ مِنْ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْعَقْدِ.

وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ، لَزِمَ الْآخَرَ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ تَرْكُهُ، كَمَا لَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَارٌ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِثَالِثٍ، ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الثَّانِيَ لِذَلِكَ الثَّالِثِ، فَعَلَى الْأَصَحِّ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ النِّصْفَ الثَّانِيَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ تَعَالَى. وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: لَا شُفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي، وَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ فَقَطْ.

فَصْلٌ

إِذَا بَاعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شِقْصًا، وَحَابَى، فَقَدْ يَكُونُ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي أَجْنَبِيَّيْنِ، أَوْ وَارِثَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي وَارِثًا فَقَطْ، أَوْ عَكْسُهُ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ.

الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ، فَإِنِ احْتَمَلَ الثُّلُثُ الْمُحَابَاةَ، صَحَّ الْبَيْعُ، وَأَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ. وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ، بِأَنْ بَاعَ شِقْصًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، نُظِرَ، إِنْ رَدَّهُ الْوَارِثُ، بَطَلَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ. وَفِي صِحَّتِهِ فِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: فِيهِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ، فَفِيمَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ؟ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يُوَازِي الثَّمَنَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

وَالثَّانِي: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ إِلَّا وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>